راشد يوجّه عناصره لمزيد من التعسّف!

2025-12-19 - 11:01 م

مرآة البحرين : غصّت المنصّات الرسمية في البحرين بمنشورات الاحتفال بيوم الشرطة في المملكة. كلّ الصفحات والبيانات والمواقف ارتدت رداء تمجيد عناصر الشرطة، وترداد لازمة أن الأخيرة هي ركيزة أمن الوطن واستقراره.

طبعًا، كلّ التطبيل الذي حصل في الأيام متوقّعٌ إن لم يكن مُتحكّمًا به ومُدارًا من ألفه إلى يائه، لكنّ البارز في هذا المشهد كانت كلمة وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة الذي استثمر في المناسبة وأطلق المواقف الوردية، مُشيرًا الى دور الملك حمد بن عيسى في تعزيز القيم الحضارية والمجتمعية لشرطة البحرين وترسيخ دورها في تعزيز الأمن ونشر الطمأنينة في المجتمع.

وممّا قاله أيضًا إن أمر وزارة الداخلية يستقيم بالولاء والإخلاص، ويمسّ سمعتها ما هو عكس ذلك، وإنه لم ولن يسمح إلّا بما يرفع شأنها ويصون مكانتها.

وفي جانب التوجيهات التي أوردها في كلمته، شدّد على أهمية التركيز على مواجهة الأخبار السلبية في المواقع الإلكترونية من خلال تواجد الشرطة الأمني والقانوني في الفضاء الإلكتروني، شاكرًا الحضور الإلكتروني الإيجابي من شركائها الوطنيين المُخلصين، وهو ما يعزّز جبهتنا الأمنية الإلكترونية الوطنية.

يمكن القول إن إثارة راشد بن عبد الله لمسألة الحضور الأمني في الفضاء الالكتروني يعني شيئًا واحدًا في لغة السلطة: التهديد والوعيد. هذا يعني شحْن هِمم عناصر الشرطة من أجل تنفيذ عمليات الاعتقال التي اعتادها الشعب البحريني والتوقيفات العشوائية التي لا يبدو أن الدولة بصدد التراجع عنها أو التخفيف منها أو حتى التفكير بالعدول عنها.

المفارقة أن تعليقات المُطبّلين تمحورت حول أن خطاب راشد بن عبد الله كان مُلهمًا، والاستناج الحاضر هنا أن وزير الداخلية "ألهم" عناصر الشرطة لمزيد من التعسّف والعنف تجاه من يُأمرون بسوْقهم إلى مراكز الاحتجاز والتحقيق، ولاسيّما أولئك الناشطين وليس أصحاب الجرائم الجنائية. هكذا يقول من خبِر الأسلوب الأمني الثابت في البحرين عبر أجهزة السلطة.

لسنا أمام حُكمٍ مُسبق تجاه شرطة البحرين وعناصرها، بل أمام حقيقة واحدة: صورة الأمن البحريني مُختصرة بفئة الموالين، وبالمرتزقة الأجانب، كما أراد الحاكم، يُغيّب عنها فئة وازنة من الشعب، لا بل تُمثّل أكثريته. نسيج الشرطة يؤكد أنه خالٍ من الشيعة، تمامًا كالجيش البحريني وكلّ الأجهزة العسكرية في المملكة. القرار الرسمي الصادر عن ملك البلاد: لا مشاركة للمواطنين الشيعة في هذه القطاعات، فكيف يريدون أن يُشِعروا هؤلاء بأنهم مشمولون بهذا الإخلاص والولاء؟ وكيف يريدون أن يُقنعوا هؤلاء بأن لا استهداف دائم لهم من قبل الدولة عبر الشرطة؟ إذا لم يكن الشيعة في صُلب تشكيلة الجيش والمؤسسات الأمنية الرسمية، كيف سيشعرون بأنهم شركاء حقيقيون في مشهد المواطنة في البحرين؟

كلّ التحركات والمواقف التي شهدتها البحرين في الأيام الماضية تحت عنوان الاحتفال بيوم الشرطة باتت فولكلورًا ساذجًا يدعو للملل والضجر. وكأنّ الأنشطة تخصّ عائلة بعينها دون الآخرين، أو ربّما هكذا أرادت السلطة أن تُظهر. فمتى ستعي خطيئة الاستفراد في الصورة الرسمية، وتتوقّف عن مُصيبة تنميط شرطة البلاد وحصرها بطائفة وحيدة؟ هل يستقيم الوطن بطائفة دون أخرى؟