التعذيب في البحرين.. الجُرح مفتوح وموثّق
2025-11-30 - 1:37 م
مرآة البحرين: في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، اختتمت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة مناقشاتها للتقرير الدوري الرابع للبحرين بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة.
المقرر الوطني وخبير اللجنة عبد الرزاق روان تحدّث عن أن الأخيرة تلقّت معلومات من مصادر متعددة تفيد باستمرار ممارسة أعمال التعذيب أو سوء المعاملة في البحرين، سواءً داخل مراكز الاحتجاز أو خارجها.
وأشارت التقارير، بحسب اللجنة، إلى استمرار تعرّض المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمهاجرين لانتهاكات كالضرب والحرمان من النوم والعنف الجنسي، والى أن الفئات المستضعفة في مراكز الاحتجاز تعرّضت لتهديدات بالاغتصاب والسجن الانفرادي والإهمال الطبي.
كذلك أثار المقرر القطري وخبير اللجنة ليو هواوين مخاوف بشأن التقارير التي تفيد بوجود قصور في الخدمات الطبية المقدمة في السجون.
وأوضح التقرير أن اثنيْن ممّن يُطلق عليهما "سجينان سياسيان" توفيا العام الماضي نتيجة فشل السلطات في معالجة حالتهما الصحية المزمنة.
يمكن اختصار الملاحظات التي وردت في تقرير لجنة مناهضة التعذيب بالآتي:
1- التعذيب يُستخدم بشكل روتيني في مراحل الاعتقال والاستجواب والتحقيق، لاستخراج الاعترافات من المعتقلين.
2- استمرار الإفلات من العقاب لمرتكبي التعذيب في البحرين.
3- قانون العقوبات البحريني لا يوفر حدًّا أدنى للسجن لمرتكبي أعمال التعذيب التي لا تؤدي إلى وفاة الضحية.
4- تشريعات "مكافحة الإرهاب" تحتوي على تعريف للإرهاب غامض وواسع جداً، والمتهمين بالإرهاب غالباً ما يتعرضون للاعتقال التعسفي والتعذيب..
5- حرمان بعض المعتقلين من الضمانات القانونية الأساسية، مثل التواصل مع محامين والتحصيل السريع لفحص طبي مستقل.
6- الاحتجاز غير القانوني والسري في أماكن غير معروفة، ممّا يخلق ظروفًا مؤاتية للاحتجاز غير المسجل.
7- الازدحام في السجون وظروف الاحتجاز السيّئة، بالإضافة للوصول المحدود إلى الرعاية الصحية الجيدة، المعاملة القاسية والعنيفة للسجناء، وأن المحتجزين لأسباب سياسية يتعرضون غالبًا لعقاب جماعي يرقى إلى المعاملة السيئة والتعذيب.
ما تقدّم يقود الى أن كلّ ما تورده الجهات الرسمية وأدواتها العاملة في مجال حقوق الإنسان كاذب أو على الأقلّ مُزيّف وغير دقيق. طبعًا ما يخرج ويصدر عن الدولة لم يعد صادمًا والبحرينيون اعتادوا تلفيقات السلطة الثابتة وإنكارها الدائم لما تقترفه من جرائم وانتهاكات حقوقية، لكن السؤال الى متى سيبقى نظام آل خليفة يرفض الاعتراف والذهاب الى علاج جذري للأزمة الحقوقية التي تتسبّب بها سياساته الأمنية والبوليسية والقمعية؟
ولهذا، نسأل أيضًا السلطة والمسؤولين المعنيين بالملفّ الحقوقي في البحرين:
- ألم يحن الوقت لمنع أيّة تبريرات مُحتملة للتعذيب أو سوء المعاملة؟
- ألم يحن الوقت لإجراء إصلاح تشريعي شامل يستهدف المجال الحقوقي والإنساني قبل أيّ شيء آخر؟
- ألم يحن الوقت لفرض حظر صريح على استخدام التعذيب وسوء المعاملة في كل الظروف؟
- ألم يحن الوقت لتوفير ضمانات لناحية أن كل ادعاء يتعلّق بالتعذيب يُحقق فيه القضاء بصورة شفافة ونزيهة؟
- ألم يحن الوقت لمعالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون؟
- ألم يحن الوقت لضمان توفير رعاية صحية طبية ونفسية كاملة لكل المحتجزين، وإجراء مساءلة فورية إذا تأخرت أو جهلت الحالات؟
تكشف توصيات لجنة مناهضة التعذيب أن البحرين تقف اليوم أمام اختبار حقيقي لإثبات جديّتها في احترام حقوق الإنسان، بعيدًا عن الخطابات الرسمية والوعود المتكرّرة. المطلوب ليس إجراءات تجميلية ولا تعديلات شكلية، بل إصلاحات قانونية ومؤسسية عميقة تُنهي ثقافة الإفلات من العقاب وتفتح الباب أمام رقابة مستقلة وعدالة شفافة، وتطبيق هذه التوصيات ليس عبئًا على الدولة، بل هو الطريق الوحيد لاستعادة الثقة في مؤسساتها، وحماية سمعتها الدولية، وضمان كرامة كل من يوجد خلف القضبان. ما لم تتحوّل هذه الالتزامات إلى واقع ملموس، ستبقى المشكلة ذاتها، ويظلّ ملف التعذيب جرحًا مفتوحًا لا يندمل.