دولة تتدرّب وشعب ينتظر: مفارقة الأولويات في البحرين
2025-11-27 - 1:26 ص
مرآة البحرين : "التمرين البحريني الإماراتي ربدان شويمان"، عنوان تدريب مشترك بين المنامة وأبو ظبي حظي باهتمام الصحافة المحلية في المملكة وأبواق الدولة. الهدف بحسب البيان الختامي للمناورة الثنائية "رفع مستوى الجاهزية القتالية وتطوير القدرات العملياتية والتكتيكية المشتركة".
التمرين شمل عددًا من التدريبات الميدانية والعمليات المشتركة التي ركّزت على تعزيز القدرة على التخطيط والتنفيذ، ورفع كفاءة وحدات الإسناد والإنزال الجوي، والتعامل مع مختلف السيناريوهات العملياتية.
المناورة المشتركة بين البحرين والإمارات تثير تساؤلات مهمة حول هدفها الاستراتيجي، خصوصًا في ظل التحوّلات الأمنية في المنطقة وعلى رأسها ما ورد فعليًا في البيان الختامي: السيناريوهات العملياتية والتخطيط.
وعليه، يمكن الاستناج أن هذه المناورة ليست مجرد تدريب عسكري عادي، بل هي رسالة استراتيجية موجّهة إلى من تعتبره كلّ من البحرين والإمارات تهديدًا. التدريب ليس عابرًا، بل يحمل رسائل جيوسياسية، وهي جزء من استراتيجية أمنية أوسع قد تشمل تعاونًا مع "إسرائيل"، وبناء ردع مشترك، ما يضع التساؤل حول ما إذا كان هذا النوع من التحالفات يخدم الأمن الخليجي الحقيقي أو يزيد من مخاطر التصعيد.
لا يمكن فصل المناورة عن التحالف العلني الذي بدأ عام 2020 بين الإمارات والبحرين من جهة وبين الكيان الصهيوني من جهة أخرى، إثر إعلان التطبيع الرسمي.
عام 2022، نشر الكيان منظومة رادارات في عدة دول عربية منها البحرين والإمارات تحت ذريعة مكافحة "التهديدات الإيرانية"،والغاية بناء حلف إستراتيجي جديد في منطقة الشرق الأوسط، عبر إبرام اتفاقية أمنية للدفاع المشترك مع الولايات المتحدة وعدة دول عربية في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.
العدو سعى من خلال منظومة الرادارات للتمهيد لعقد اتفاقية تعاون أمني دفاعي مع دول خليجية إضافة إلى مصر والأردن، لمواجهة ما تسميها "التهديدات الإيرانية"، بحسب ما ورد في مبادرة مشتركة ومسودة الاتفاقية المقترحة للحزبين الديمقراطي والجمهوري الأميركيين.
كذلك قال الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة "تل أبيب" يارون شنايدر قبل سنوات قليلة إن لـ"إسرائيل" وبعض دول الخليج مصلحة أمنية واضحة لتقويض نفوذ إيران في الشرق الأوسط، وفي الخليج على وجه التحديد.
وبمعزلٍ عن موقع "إسرائيل" في هذا التدريب ومدى استفادتها منها لاحقًا، يمكن القول إنه وفي غياب تحديد واضح لطبيعة التهديدات التي تلجأ البحرين والإمارات إلى الاستعداد لها، تُصبح المناورة موجّهة إلى خصم افتراضي وليس إلى خطر ملموس، ما يفرغها من معناها العملي ويحوّلها إلى استعراض سياسي أكثر منه تدريبًا بهدف محدّد.
هذه الضبابية تستدعي سؤالًا مباشرًا: هل تحتاج البحرين فعلًا إلى مثل هذه المناورات في هذا التوقيت؟ ولماذا هذا الاهتمام الدائم بالجهوزية العسكرية، إنْ للناحية القتالية أو لناحية التسلّح بأحدث أنواع الدفاعات والطائرات والذخائر؟
وهنا، الحديث عن ترتيب الأولويات الدفاعية والمالية يحضر في حالة البحرين ومدى الحاجة إلى تطوير قدرات الدفاع الداخلي بدل الانصراف إلى مواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية مُلحّة يشكو منها الشعب وتُبحّ أصواته من أجل ذلك.
الأكيد إلى الآن أن السلطة في البحرين مُنكبّة على مناورات خارجية مُكلفة لا تنعكس بالضرورة على أمن المواطن مباشرة، وهنا يُطرح سؤال أيضًا: هل تُنفق الدولة مواردها في الاتجاه الصحيح؟
في الخلاصة، ما تحتاجه البحرين ليس مناورات إضافية بقدر ما تحتاج سياسة داخلية واضحة، شفافة، ومرتبطة مباشرة باستقرار المجتمع ورضا الشعب وتحقيق طموحاته وتطلّعاته الحقيقية والواقعية.