تسامح الدولة البحرينية.. شعارٌ لتجميل القمع
2025-11-17 - 12:01 ص
مرآة البحرين : وافق مجلس الوزراء البحريني في جلسته بتاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر على مشروع قانون يهدف إلى إرساء منظومة تشريعية متكاملة تعزز التعايش والتسامح ومكافحة خطاب الكراهية باعتبارها إحدى الركائز الرئيسية لصون الوحدة الوطنية.
وعلى الخطّ نفسه، أعلن رئيس جمعية البحرين للتسامح وتعايش الأديان "تعايش" يوسف بو زبون أن الجمعية تعمل حاليًا على إعداد مبادرة إنسانية مهمة بعنوان "ميدالية التعايش والوفاء"، وهي مبادرة نوعية تهدف إلى تكريم إحدى الشخصيات الاستثنائية التي قدمت إسهامات كبيرة في ترسيخ قيم التسامح والتعايش والسلام في مملكة البحرين، تحت مظلة الرؤية الملكية للملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي جعل من البحرين منارة عالمية للتعايش بين الأديان والثقافات، على ما ورد حرفيًا في الخبر الرسمي.
لا تنفكّ السلطة في البحرين عن تكرار المعزوفة نفسها صباحًا ومساءً. هو التعايش الذي تسوّق له بدعايتها الإعلامية والإعلانية والأصوات أو الأقلام المأجورة.
نعم تتعايش الدولة في البحرين مع نفسها، مع أمرائها، أبنائها، وحاشيتها وموظّفيها أيضًا. لكنها تُشهر سلاح التمييز على طائفة أساسية في البلد، بأمّها وأبيها، وعلى الملأ بلا إحراج، تُضيّق الخناق عليها، تعزل شخصياتها المؤثّرة في المشهد الداخلي والوطني، وتُلاحق العمل الخيري والتطوعي وتُحاصر الأنشطة الأهلية، ثم تُكمل في كذبة التسامح ومكافحة خطاب الكراهية.
من المثير للانتباه أن الحكومة التي تتحدث اليوم عن مكافحة خطاب الكراهية هي نفسها التي تحتكر المنابر الإعلامية وتمنع الأصوات المعارضة من التعبير عن رأيها، وتُخضع الفضاء العام لقوانين صارمة تحدّ من حرية الرأي والتجمع. فكيف يمكن لدولة أن تدّعي ترسيخ التسامح، بينما تسجن مواطنين وناشطين بتهم تتعلق بالتعبير السلمي أو الانتقاد السياسي؟
أثبتت التجربة مع السلطة أن الخطاب الرسمي عن التعايش والوحدة في البحرين غالبًا ما يُستخدم لتلميع الصورة الخارجية أكثر من كونه سياسة داخلية فعلية. ولهذا ثمّة أسئلة تُطرح على الحكومة نفسها:
- كيف يمكن لحكومة تتحدث عن التسامح أن تمنع الجمعيات السياسية المعارضة، وتُبقي على مئات السجناء السياسيين خلف القضبان؟
- أليس من التناقض أن يُروّج الإعلام الرسمي لمفهوم التعايش، في وقت يُقصى فيه المواطنون من المشاركة السياسية، وتُغلق المساحات العامة أمام أي صوت مختلف؟
- هل يمكن أن يتحقّق التسامح في ظل الملاحقات الأمنية على خلفية سياسية ومحاكمات تُبنى على الرأي والموقف؟
- والسؤال الأهمّ: هل تريد السلطة في البحرين حقًّا مُجتمعًا مُتسامحًا، أم مُجتمعًا صامتًا؟
في الخلاصة، يمكن القول إن تعزيز التسامح لا يتحقّق بتشريعات رمزية أو بيانات مُنمّقة، بل بإصلاح سياسي حقيقي يضمن المساواة والعدالة وحرية التعبير لكل المواطنين. وما لم تُترجم هذه الشعارات إلى خطوات ملموسة، سيبقى مشروع مكافحة الكراهية مجرد غطاء لتكريس الكراهية المقنّعة ضد الرأي الآخر.
- 2025-11-15توقيفات بالجملة بسبب تشييع.. عقيدة أمنية متحجّرة
- 2025-11-14يا وزارة التنمية .. هل المطلوب إفراغ النشاط الأهلي والمدني من مضمونه؟
- 2025-11-12هكذا يوثّق آية الله قاسم مكانة سيد شهداء الأمة في وجدانه
- 2025-11-11"منتدى الملك حمد للعدالة" .. المزيد من الميزانيات لتلميع القمع
- 2025-11-10الملك يشيد بالصحافة التي لا تشيد إلا به!