يا وزارة التنمية .. هل المطلوب إفراغ النشاط الأهلي والمدني من مضمونه؟

2025-11-14 - 7:12 ص

مرآة البحرين: أصدرت وزارة التنمية الاجتماعية في البحرين تعميمها رقم 13 لسنة 2025 بشأن تنظيم الفعاليات والأنشطة الخاصة بمنظمات المجتمع المدني المرخّصة.

بحسب النصّ الرسمي، تشترط الوزارة على المنظمات التنسيق المسبق وإبلاغها كما الجهات الحكومية (وفق الاختصاص)، قبل 10 أيام على الأقلّ من موعد إقامة الفعالية، مع ضرورة أن يتضمّن الطلب التفاصيل التالية:

- اسم المنظمة وأية جهات أخرى مشاركة،
- طبيعة الفعالية المقترحة،
- التاريخ والمكان والوقت المقترح الذي ستستغرقه الفعالية،
- الفئة المستهدفة وعدد المشاركين المتوقّع، وحتى من خارج المملكة إذا وجدوا،
- موافقة الجهات الحكومية المعنية (أينما يلزم).

ماذا يعني هذا؟ بشكل صريح ومباشر، تُعلن الدولة تطويق العمل المدني بالمُطلق. تفرض المزيد من التضييق على مؤسسات المجتمع المدني، وتُناقض كلّ شعارات دعم الحريات العامة وتنمية المؤسسات الأهلية، وتُشهر قبضتها الأمنية بوجه كلّ من ترى أنه قد يمارس حقّه في أيّ نشاط مدني يكفله دستور البلاد، والحديث هنا عن جمعيات غير سياسية أساسًا.

الصورة واضحة وتفكيكها ليس عسيرًا. الهدف هنا زيادة القيود على أيّ حراك قد تُقدم عليه أيّة جمعية مرخّصة، أو منظّمة محلية، أيْ تشديد الحصار عبر تعاميم تُصدر بناءً على طلب السلطة دون الاستناد إلى نصّ قانوني أو تشريعات رسمية.

منتدى البحرين لحقوق الإنسان رأى في التعميم الصادر تقويضًا للنشاط المدني يجعله خاضعًا للتقديرات السياسية الرسمية بما يخلق مزيدًا من مُناخات القلق.

المنتدى أعرب عن خشيته من تعرّض العاملين في تلك المنظمات للمساءلة أيضًا، الأمر الذي يُساهم في إضعاف دور المجتمع المدني.

وفق المنتدى الحقوقي، الدولة ما زالت تتعامل مع النشاط الأهلي بعقلية "الترخيص الأمني" لا "الحق المدني" المكفول في الاتفاقيات الدولية من دون قيود تحدّ من أثره. وعليه، فرض التنسيق المسبق مع الجهات الحكومية يُحوّل المنظمات الأهلية إلى وحدات إدارية خاضعة للوصاية الرسمية.

ولهذا يجب أن تتواءم صياغة اللوائح المنظمة للعمل الأهلي بما يتوافق مع مبادئ إعلان الأمم المتحدة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان (1998)، الذي يضمن حرية الاجتماع والعمل المدني دون قيود تعسفية في المواد (1)، (5)، (6)، (12/2)، و(13)، وأيضا المادة (22) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي توفّر حرية تكوين الجمعيات من دون تدخّل تعسفي.


إذًا، تسعى الدولة إلى إسقاط صورتها على كلّ المؤسسات المحلية: مجلس النواب، الصحافة، الأحزاب، النقابات، والجمعيات المدنية. كلّ شيء بلونٍ واحد دون شركاء. هي تُجهز على ما تبقّى من روح العمل الأهلي وتُفرغه من مضمونه وتخنق نبض المجتمع المدني. وبعميّة السلطة، يتحوّل العمل الأهلي إلى واجهة شكلية مُهمّشة. فهل تتحوّل البحرين إلى نظام كوريا الشمالية الاستبدادي؟ هل يُريد الملك التحكّم حتى بهيئة البشر؟