عن طرح الدعم الحكومي للمستحقين.. هل تأخذ الدولة أرقام البطالة والأعباء المتصاعدة في الحُسبان فعلًا؟

2025-10-25 - 8:19 ص

مرآة البحرين : أعلن النائب الأول لرئيس مجلس النواب في البحرين عبد النبي سلمان دعمه لتوجه الحكومة الذي أفصحت عنه في اجتماع مجلس الوزراء الأخير بشأن توجيه الدعم المباشر لمستحقّيه في الخدمات الأساسية للمواطنين بالتوافق مع السلطة التشريعية.

وفي تصريح لصحيفة "أخبار الخليج" بتاريخ 16 تشرين الأول/أكتوبر 2025، أشار إلى أن اللجنة المشتركة بين السلطتيْن التنفيذية والتشريعية لإعادة توجيه الدعم الحكومي قدّمت تصوّراتها مكتوبة مُعزّزة بالوثائق والأرقام والنسب والشرائح المطلوبة، وحدّدت حدًا أدنى للمعيشة يتجاوب مع المتطلّبات المعيشية المتصاعدة.

ومن ضمن ما قاله أن الحلول اللازمة حول هذا الملف يجب أن تكون بحرينية خالصة، تأخذ في الاعتبار احتياجاتنا المعيشية والتنموية، وبما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمعيشي على صعيد المملكة، بعيدًا عن تطبيق مقترحات صندوق النقد والبنك الدوليين.

كلامٌ يُظهر تعاونًا بين السلطتيْن يُراد للناس أن يعوّلوا عليه وينتظروا نتائجه بفارغ الصبر. هؤلاء الذين خبِروا الوعود والتسويفات والأفخاخ التي لطالما نصبتها الدولة كي تحقّق مصالحها، فهل يُسلّموا سريعًا بما يسمعونه؟

مصادر بحرينية مواكبة لملفّ الدعم الحكومي تتحدّث لـ مرآة البحرين عن أبرز ما ينقص هذا الطرح ويؤخذ عليه، فتشير الى أن "سلمان لم يحدّد ما هو مستوى الحد الأدنى للمعيشة الذي يتجاوب مع المتطلّبات المتصاعدة"، وتوضح أنه "من المفترض أن تكون هناك شفافية من النواب لاطلاع الناس على ما يتمّ تداوله، وما اذا كان يلبّي الطموحات التي يتطلّع إليها المواطنون أم لا؟ وهل ستُسثنى فئاتٌ من توجيه الدعم للمستحقين، بحيث يتمّ تقليل عدد العوائل التي تستلم الدعم حاليًا بحجة التوجيه للمستحقين؟ علمًا بأن البحرين لا يوجد فيها تحديد حد أدنى لمستوى خط الفقر".

المصادر تلفت الى أن سلمان لم يحدّد النسب والشرائح المطلوبة، بل تحدّث بكلام عام يحمل غموضًا، وهنا تسأل "لماذا يتمّ إخفاء الأرقام والنسب والشرائح المطلوبة عن الناس؟".

بحسب المصادر الخاصة، لم يحدّد نائب رئيس مجلس النواب ما اذا كانت اللجنة قد اعتمدت على الأرقام التي نشرتها "الأسكوا" وما كشفته إحصاءات الدخل الشهري للبحرينيين العاملين من الجنسيْن لعام 2022 التي تحدّد أن أعلى نسبة منهم بعدد 45,160 ونسبة 46% لا تتجاوز مداخيلهم الـ500 دينار بحريني، وهم نسبة كبيرة يتطابق وضعها وخط الفقر الشهري الذي قدرته "الأسكوا" للأسرة البحرينية.

حقيقة وضع البحرينيين

من المُفارقات أيضًا في حديث عبد النبي سلمان التي تُسجّلها المصادر نفسها، أنه لم يتطرق إلى الأسباب التي جعلت الأسر البحرينية بحاجة إلى مساعدات، وخصوصًا أن البلد صغير بحجمه وثرواته تكفي لحلّ مشاكل جميع المواطنين، غير أن مواطني البحرين يعانون من ارتفاع للأسعار، وقلّة الوظائف، وتزايد أعداد العاطلين عن العمل، إضافة إلى فرض ضرائب مالية عليهم، وتزايد تكلفة الحياة المعيشية، وارتفاع المخالفات المالية الموثّقة في تقارير ديوان الرقابة المالية الرسمية.

ملفّ البطالة

وترى المصادر أن المطلوب من النواب التركيز بصورة قصوى على إنهاء ملف البطالة الذي يتسبّب في إفقار العوائل البحرينية، وهنا تستشهد بما أعلنته وزارة العمل حول أن مجموع الباحثين عن عمل المسجلين في الوزارة حتى نهاية عام 2023 بلغ 16,978 باحثًا عن عمل، فيما ارتفع مستوى خط الفقر في البحرين من دون أن تتغيّر الرواتب، إذ أن الكثير من البحرينيين مازالت رواتبهم أقلّ من مستوى خط الفقر.

رواتب منخفضة

وفي هذا السياق، تبيّن المصادر أن ما يقارب 40% من المواطنين نسبة رواتبهم أقل من 400 دينار في القطاع الخاص، وكذلك 6% في القطاع العام حسب إحصائيات سنة 2022، علمًا بأن الوظائف ذات المردود العالي والمتوسط تتوفّر سنويًا لكن تذهب بنسبة تفوق 85% إلى الأجانب، بينما يحصل البحرينيون على نسبة ضئيلة منها.

الأعباء المتصاعدة

المتطلّبات المتصاعدة التي لم يوردها عبد النبي سلمان في كلامه، تُحيلها المصادر الى قرار الحكومة بداية عام 2022 مُضاعفة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 10%، وإلغاء نسبة 3% من الزيادة السنوية للمتقاعدين، وذلك سعيًا إلى زيادة إيرادات الدولة وتقليص العجز في موازنتها، وهو ما أثّر على حياة مواطنيها وزاد من معاناتهم مباشرة، وهذا يعني ضرورة مراجعة الزيادة في ضريبة القيمة المضافة، وكذلك مراجعة أوضاع المتقاعدين بصورة عامة.

مزيد من التأزّم

بتقدير المصادر تصريح النائب الأول لمجلس النواب لا يعالج المشكلة بل قد يزيدها تفاقمًا، لأن المفهوم من كلمة توجيه الدعم لمستحقيه قد يُستثنى من خلالها الكثير من العوائل التي تستلم الدعم حاليًا، حتى أنه لم يتطرق إلى مشكلة البطالة التي يعاني منها كل بيتٍ في البحرين خصوصًا بين الجامعيين الذين وصل عدد العاطلين منهم 10057، وهذا الرقم في ازدياد نظرًا لدخول أفواج من المتخرّجين في عداد العاطلين.