البحث عن وظيفة في البحرين.. هل تصدق وعود الدولة؟

2025-10-20 - 10:13 ص

مرآةالبحرين : في 29 أيلول/سبتمبر 2025، وجّه وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء البحريني سلمان بن حمد آل خليفة وزارة العمل إلى عرض 3 فرص وظيفية لكل باحث عن عمل مسجّل لديها (عبر المنصة الوطنية للتوظيف وموقع الوزارة)، على أن يتمّ ذلك قبل نهاية العام الجاري، مؤكدًا أن تأمين الفرص الوظيفية المناسبة لأبناء المملكة يمثّل أحد أهم أولويات وأهداف التنمية.

ربطًا بهذه التوجيهات، أعلن وزير الشؤون القانونية وزير العمل بالوكالة يوسف بن عبدالحسين خلف في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2025 أن زين البحرين قامت بتزويد المنصة الوطنية للتوظيف التابعة لوزارة العمل بـ 110 وظائف شاغرة مخصّصة للمواطنين، إلى جانب عدد من الشركات الوطنية التي سرعان ما أظهرت وبطريقة لافتة مستغربة، ترجمة لتوجيه رئيس الحكومة بعرض ما لديها من شواغر.

قد تبدو المبادرة في ظاهرها خطوة إيجابية في ظل ارتفاع نسب البطالة والتحديات الاقتصادية، لكنّ هذه الخطوة تثير عدة تساؤلات ونقدًا من الناحية الحقوقية والتنفيذية والفعالية. هي صحوةٌ متأخرة ربّما، أو حقنة مخدّرة لأصوات الناس التي لا تنفكّ تعلو وتشكو من البطالة والفرص الضائعة للخرّيجين الجامعيين والكفاءات القابعين في منازلهم من دون وظائف.

في الظاهر، قد يُستخدم هذا التوجيه كأداة إعلامية لتجسيده كـ إنجاز، غير أن غياب الضوابط القانونية وضمانات التظلّم يُغلّف هذا القرار، والشكّ في قدرته على حلّ معضلة البطالة المتجذّرة في البلد.

بحسب آخر إعلان رسمي في البحرين، يقدّر معدل البطالة بـ6.3%. وهو رقم مرتفع يُسبّب الإحباط لجيل شاب درس وتخصّص ونال شهادات عليا، وكان مصيره البيت أو الهجرة، وليس الشركات الوطنية.

قرار وليّ العهد يقودنا للتساؤل فعلًا ما هي آلية المتابعة له؟ هل يوجد استئناف أو تظلّم؟ هل هناك شفافية في اختيار المرشحين ومن يقرر أي الباحثين يُعرض لهم العمل؟

وفق أرقام الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، هناك 37000 وظيفة بأجر متوسط أو مرتفع (فوق 600 دينار) يشغلها أجانب في القطاع الخاص. لكن بسبب غياب خطة واضحة لبحرنة الوظائف، تبقى هذه الوظائف خارج متناول البحرينيين، هكذا يقول السياسي البحريني إبراهيم شريف.

في الأيام الأخيرة، انتشرت صورة لبحريني يعمل في غسل السيارات في الكويت. المشهد تسبّب بحالة من الجدل بين البحرينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن البعض انتقده بشدّة، واعتبره تصرّفًا يُسيء إلى سمعة الوطن. مردّ ذلك أن الكلّ يعترض على أن يعمل بحريني بلده غني وعائم على نفطٍ
وخيرات، في مجال غسل السيارات.

الأكيد أن هذه الحادثة تُعدّ من إفرازات حالة البطالة التي يعيشها أبناء البحرين، فلو وفّرت الدولة لهذا المواطن فرصة تضمن له معيشة لائقة وكافية في بلده الأمّ، لما لجأ الى الكويت ليعمل في غسيل السيارات، وهي مهنة لم يعهدها أبناء البحرين.

الواقعة تفتح النقاش على معاناة الشباب البحريني الدائمة من قلة الفرص وتفاوتها، في وقت تُمنح فيه بعض الامتيازات والوظائف للأجانب والمجنّسين. لذلك أصبح ملفّ البطالة مصدر إكتئاب كبير لدى هذه الفئة الشبابية.

بناءً على ما تقدّم، لا يبدو هناك تعويل كبير على قرار عرض 3 فرص وظيفية لكل باحث عن عمل مسجل لديها. صحيح أن تحديثات وزارة العمل تشير إلى أن إجمالي الوظائف المعروضة وصل إلى 1276 وظيفة مقدمة من 15 شركة ومؤسسة وطنية في مختلف القطاعات، لكنّ العِبرة في التنفيذ، وفي التوفير الحقيقي لا النظري لهذه الوظائف. فهل ستكون الوزارة والحكومة أمينة وصادقة أمام الناس وتكاشفهم بأعداد من تمّ تأمين وظيفة وعمل فعلًا له؟

ما هو محسوم أن الأمر يتطلّب آلية تُعزّز الشفافية وتوفّر مجموعة بيانات مُحدثة ومفتوحة عن البطالة شهريًا أو ربع سنويًا، مع تحليلات مستقلة يصدرها باحثون محليون لضمان المساءلة والتقييم.