مصدر نقابي مطّلع: «مزحة الوظائف» لن تُحل دون قرار سياسي حقيقي

محمد ناس - 2025-10-19 - 9:57 م
خاص بـ«مرآة البحرين»
في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة في البلاد، وصف مصدر نقابي مطلع التصريحات الأخيرة لولي العهد، رئيس الوزراء، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بشأن إلزام وزارة العمل بعرض ثلاث فرص وظيفية لكل باحث عن عمل مسجل لديها بأنها «مزحة ثقيلة يصعب تطبيقها عمليًا» معتبرًا أن هذه التوجيهات لا تعالج أصل الأزمة المزمنة في سوق العمل البحريني.
وقال إنّ «القرار قد يكون مجرد إحدى إبر التخدير التي اعتادت عليها الحكومة»، مضيفاً أن أزمة البطالة في البحرين «هي من بقايا مخلفات توجهات 2011 التي لم تُعالج حتى اليوم». وتابع المصدر في حديثه لـ صحيفة مرآة البحرين أن التناقض الظاهري بين الأرقام الرسمية والتوجيهات العليا يعكس «فجوة حقيقية بين تقارير وزارة العمل والواقع الميداني».
وأوضح: «لو كانت الوزارة تنجح فعليًا في توظيف الأعداد التي تعلن عنها، لما كانت هناك حاجة لتدخل مباشر بهذا المستوى». وأشار إلى أن كثيرًا من الشركات التي تزعم توفير مئات الوظائف «أوقفت التوظيف منذ سنوات بسبب أزماتها المالية، فكيف أصبحت فجأة قادرة على طرح مئتي وظيفة أو أكثر؟».
خلل هيكلي في سوق العمل
ويرى المصدر النقابي أن المشكلة «أعمق من أداء وزارة العمل»، مؤكدًا أنها مشكلة هيكلية تتعلق بتخطيط التعليم، ونوعية الوظائف، وسياسات الاستقدام. وأضاف: «قبل كل ذلك، تكمن الأزمة في غياب قرار بحرنة واضح كما هو الحال في دول الجوار الخليجية التي تنبّهت مبكرًا لخطر الاعتماد المفرط على العمالة الأجنبية». واعتبر أن الوزارة «جزء من منظومة عرقلة التوظيف التي تنتهجها الحكومة، وأن الملف أكبر من قرارات استعراضية لا تمس جوهر الأزمة».
وأشار المصدر إلى أن فجوة سوق العمل لا تتعلق فقط بمهارات الخريجين، بل تتضمن تفضيلًا منهجيًا للأجانب على حساب الكفاءات المحلية وتابع: «هناك شركات كبرى تضم مئات الموظفين الأجانب برواتب عالية، بينما يجلس آلاف البحرينيين من حملة الشهادات من ذات التخصصات في المنازل. مشيرا إلى أن هذا ليس خللاً عرضياً بل سياسة ممنهجة منذ 2011 بدافع الخوف من تنمية موارد القوة الاقتصادية داخل المجتمع المحلي».
الحل يبدأ من القرار السياسي
ومع تكرار الإجراءات المؤقتة التي لا تتجاوز كونها محاولات لامتصاص الغضب الشعبي، يرى المصدر أن الحل الحقيقي لا يمكن أن يأتي من وزارات منفصلة، بل من قرار سيادي من أعلى الهرم السياسي، يقرّ بحق البحرينيين في الوظيفة والعيش الكريم، ويعترف بأن بناء الوطن لا يتم إلا بسواعد أبنائه. وقال: «الإصلاح الحقيقي يبدأ من إعادة ضبط سوق العمل، وتقنين العمالة الأجنبية، وتقديم الحوافز للمؤسسات التي تلتزم بالتوظيف المحلي. أما التوجيهات الأخيرة، فتبقى محدودة الأثر ما لم تُترجم إلى سياسات رقابية صارمة».
أرقام تكشف حجم الكارثة
وختم المصدر بالإشارة إلى أن الأرقام الرسمية نفسها تُظهر عمق الأزمة، موضحاً أن عدد المواطنين البحرينيين حتى منتصف عام 2025 بلغ نحو 742,234 نسمة منهم 375,941 من الذكور و 366,293 من الإناث بحسب أحدث الإحصائيات الرسمية، فيما لا يتجاوز عدد العاملين المؤمن عليهم في القطاعين العام والخاص 155,596مواطنًا، وفق تقرير التأمينات الاجتماعية للربع الأول 2025.
ويتوزع هذا الرقم بين 90,306 ذكور و 66,099 إناث، كما يبلغ عدد الشباب البحريني في العموم نحو 223,944 شخص في الفئة العمرية من 20 إلى 39 سنة، ويمثلون نسبة 31% من إجمالي عدد البحرينيين. أي أن عدد العاطلين الفعليين يتجاوز 30 ألف مواطن وقال: «هي أزمة متراكمة منذ 2011، لا تزال دون حلول جذرية، ما يفاقم مخاطرها الاقتصادية والاجتماعية على استقرار البلاد ومستقبل أجيالها».
وكانت الحكومة قد أعلنت تنفيذًا لتوجيهات ولي العهد أن 14 شركة وطنية طرحت ما مجموعه 1240 وظيفة عبر المنصة الوطنية للتوظيف، فيما بادر عدد من الشركات مثل شركة البحرين للاستثمار العقاري (إدامة) إلى الإعلان عن فرص جديدة للمواطنين، لكن من دون أي آلية شفافة تُمكّن من التحقق من الأرقام المعلنة، التي اقتصرت على بيانات في الإعلام الحكومي.
- 2025-10-19أحكامٌ طويلة وتضييق خانق في السجون.. ألم تشبع السلطة بعد؟
- 2025-10-18كذبة العوائد الاقتصادية في تطبيع البحرين والكيان الصهيوني
- 2025-10-15ملك البحرين يستأنف اليوم التالي باستقبال السفير الصهيوني: ما بعد غزة تطبيعٌ أكثر
- 2025-10-14الجيل Z بين البحرين والمغرب: هل نشهد حالة انفجار مماثلة قريباً؟
- 2025-10-12الحكومة تُدمن الإقصاء السياسي.. مشروع العزل ثابت