أحمد رضي، الكاتب والناشط الإعلامي البحريني، في حوار مع «إسلام تايمز»
رحيل جسدي، وولادة فكرية: نصر الله وثقافة تجاوزت الزمن

أحمد رضي - 2025-10-16 - 9:15 م
أحمد رضي، الكاتب والناشط الإعلامي البحريني، في حوار مع «إسلام تايمز»:
رحيل جسدي، وولادة فكرية: نصر الله وثقافة تجاوزت الزمن
إسلام تايمز: لم يكن رحيل السيد حسن نصر الله نهاية حياة، بل كان بداية "زمن جديد" للأمة؛ زمن لا يُقاس بمن يخلفه أو يتولى القيادة بعده، بل يُقاس بقدرة الشعوب على صون كرامتها واستمرار ثقافة المقاومة.
يشير تقرير «إسلام تايمز» إلى أن بعض القادة لا يتجاوز أثرهم حدود حياتهم، فإذا غابوا انطفأ ذكرهم، لكن قلة نادرة يكون رحيلهم تدشينًا لفصل جديد. السيد حسن نصر الله كان من هؤلاء؛ لم يرسخ حضوره في الميدان العسكري فقط، بل في ذاكرة الأمة وضميرها، حتى غدا قدوة تتخطى الجغرافيا والحدود. لم يجعل من المقاومة مجرد حزب أو تكتيك، بل ترك إرثًا ثقافيًا عميقًا يواصل الإلهام حتى بعد غيابه الجسدي.
رحيله لم يكن حدثًا عاديًا في التقويم، بل زلزالًا في وجدان الأمة. غاب جسده، لكنه دشّن زمنًا جديدًا، زمنًا يُقاس بقدرة الشعوب على رفض الذل وتجذّر وعيها الجمعي. ما بقي منه ليس حزبًا أو سلاحًا فقط، بل ثقافة متكاملة من المقاومة، ووعيًا راسخًا، وذاكرة حية تحمل دروس الحرية والكرامة. واليوم لم يعد السؤال: من سيخلفه؟ بل: كيف نحافظ على إرثه ونواصل مسيرته في زمن تختلط فيه الحقيقة بالتحريف؟
في هذا السياق، أجرت مراسلة «إسلام تايمز» حوارًا مع الكاتب والناشط الإعلامي البحريني أحمد رضي حول أثر حضور وغياب "سيد المقاومة" في وعي الأمة.
وحدة الفكر والعمل
يرى أحمد رضي أن خصوصية السيد حسن نصر الله الكبرى كانت في الجمع بين الفكر والعمل، بين المبدأ والفعل. ففي زمن باع فيه كثيرون مبادئهم مقابل المصالح، بقي نصر الله صوتًا لا يساوم وموقفًا لا ينكسر. لم يكن خطيبًا أو قائدًا عسكريًا فحسب، بل كان قائدًا ومربيًا معًا، يزرع الوعي قبل أن يبدأ القتال.
ويشير رضي إلى أن حرب تموز 2006 لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت معركة للضمائر؛ حيث تحولت خطابات نصر الله إلى جبهة إعلامية ونفسية، وحوّلت الخوف إلى ثقة، واليأس إلى إرادة، وجعلت من كل قلب مؤمن حصنًا للمقاومة.
أثره في البحرين
يؤكد رضي أن تأثير نصر الله لم يقتصر على لبنان، بل امتد إلى البحرين أيضًا، حيث صار رمزًا في معركة الكرامة. ففي عام 2011، حين خرج البحرينيون مطالبين بالحرية وسط صمت وتواطؤ بعض العواصم العربية، كان صوت نصر الله وحيدًا وواضحًا: "الشعب البحريني يتعرض للظلم وله حقوق مشروعة".
ويضيف رضي أن هذا الموقف الأخلاقي ترك أثرًا عميقًا، حتى أن اسمه وصورته ما زالا حاضرين في السجون كما في المجالس الحسينية، رمزًا للثبات والشجاعة.
محاربة اليأس
لم يكن نصر الله يقاتل الاحتلال وحده، بل واجه مشروع اليأس أيضًا. يوضح رضي أن إسرائيل لم تكتفِ بالسيطرة على الأرض، بل حاولت احتلال الوعي بزرع فكرة "الهزيمة قدر محتوم". لكن لحظة انسحابها من جنوب لبنان عام 2000 بلا شروط كانت نقطة فاصلة؛ أثبتت أن الاحتلال يمكن أن يُهزم، وأن الشعوب قادرة على التحرر من دون خضوع. لقد حرّر ذلك الانتصار العقول قبل أن يحرر الأرض.
إرث متجذر
بعد عام على رحيله، يؤكد رضي أن إرث نصر الله لم يعد متعلقًا بشخصه وحده، بل تحول إلى ثقافة راسخة ومؤسسة ممتدة. أجيال جديدة نشأت على خطاباته من دون أن تراه وجهًا لوجه؛ جيل يعتبر فلسطين قضيته، والكرامة أصله، والصمود هويته.
ويرى رضي أن حفظ هذا الإرث لا يعني تقليده حرفيًا، بل إحياء روحه في معارك هذا العصر، حيث العدو لا يحاول احتلال الأرض فقط، بل يسعى إلى سرقة ذاكرة الشعوب وتشويه مقاومتها.
المقاومة كفعل حضاري
يشدد رضي على أهمية المقاومة الثقافية والإعلامية والمدنية؛ من التعليم والفن إلى النشاط الاجتماعي، بحيث تبقى فلسطين حاضرة في وجدان الأمة مهما حاولت السياسات تهميشها.
كلمة إلى الجيل الجديد
يختم أحمد رضي حديثه بالقول:
"رحل السيد حسن نصر الله جسديًا، لكنه دشّن زمنًا جديدًا من المقاومة والكرامة. هو حاضر في كل عين رفضت الانكسار، وفي كل لسان قال "لا" للذل، وفي كل قلب يرى أن الكرامة قدر أمة لا تعرف الركوع. استذكاره لا يكون بالدموع فقط، بل بالفعل والمعرفة والوعي والثقافة. ذكراه مشعل لا ينطفئ، ومسيرته درس خالد في الشجاعة والثبات."
أجرى الحوار: معصومة فروزان
الاثنين 7 مهر 1404هـ
-------
الحوار بالفارسية:
https://n9.cl/8sucy0
- 2025-07-16وزير بريطاني سابق لشؤون الشرق الأوسط متهم بخرق قواعد الشفافية بسبب دور استشاري في البحرين
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية