واشنطن تُقرّر والمنامة تُبارك

2025-10-12 - 3:42 م
مرآة البحرين: أكثر من بيان صدر عن الدوائر الرسمية في البحرين عقب الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. الترحيب والتمجيد بالقرار كان متوقعًا، خاصة لأن الإعلان جاء على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه.
بيانات التمجيد
في البداية، أعلنت وزارة الخارجية البحرينية أنها تُتابع عن "كثب الإعلان عن الإنجاز التاريخي بالتوصل إلى اتفاق لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة "السلام" التي طرحها الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تتناول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمُحتجزين، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
وعبّرت الوزارة عن تقدير مملكة البحرين لجهود الرئيس الأمريكي وجهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق بين "إسرائيل" وحماس وإنهاء الحرب، داعيةً الأطراف المعنية إلى تحمل المسؤولية والالتزام بالتنفيذ الكامل للاتفاق، وأن تتضافر الجهود الإقليمية والدولية بالإسهام في تحقيق وقفٍ شاملٍ ودائمٍ للحرب، وتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية لأهالي القطاع.
بيانٌ آخر صدر عن الملك حمد بن عيسى أكد فيه أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه لإنهاء الحرب في غزة هو يوم "للسلام" في الشرق الأوسط والعالم، إذ يفتح آفاقًا جديدة أمام شعوب المنطقة للعيش بأمن واستقرار، معربًا عن عميق شكره وامتنانه لفخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة، على جهود فخامته الدؤوبة ومبادراته الداعمة لمسار "السلام" في الشرق الأوسط، ورعايته المباشرة لهذا الاتفاق التاريخي الذي يعكس حرص الولايات المتحدة على إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة.
وشدد الملك على موقف مملكة البحرين الثابت والداعم لاتفاق إنهاء الحرب في غزة، إيمانًا منها بأن السلام هو الخيار الاستراتيجي والسبيل الأمثل لتحقيق التنمية والازدهار لشعوب المنطقة.
لم يكتفِ الملك بهذه الحفاوة، بل بعث برقية تهنئة إلى ترامب بمناسبة الاتفاق، معربًا عن تقديره للجهود التي بذلها لإنجاح هذا الاتفاق، ومؤكدًا أن ما تحقق يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق الأمن والاستقرار ودعم مسار "السلام" في المنطقة.
كما أشاد الملك بالدور القيادي لترامب في إطلاق هذه "المبادرة التاريخية"، مجددًا دعم مملكة البحرين لكل ما يسهم في ترسيخ "السلام" وتعزيز التعاون الدولي من أجل مستقبل آمن ومستقر لشعوب المنطقة.
وأكد الملك أهمية التزام أطراف النزاع بهذا الاتفاق وتحملهم مسؤولية تنفيذه، منوهًا بالجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء ودورهم الحيوي في تهيئة الأجواء وإيجاد أرضية مشتركة قادت إلى هذا الإنجاز التاريخي الذي من شأنه أن يرسخ ثقافة الحوار ويعزز التعاون الدولي.
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء سلمان بن حمد هو أيضًا تحدّث عن الاتفاق في اتصال مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. وأمامه، أكد أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه لإنهاء الحرب في غزة هو يوم "للسلام" في الشرق الأوسط والعالم، معبرًا عن تقديرِه لجهود ترامب ودعمه "للسلام" في الشرق الأوسط ورعايته لهذا الاتفاق التاريخي، مشدّدًا على أهمية التزام أطراف النزاع وتحملهم مسؤولية تنفيذه، والتقدير لجهود الوسطاء للوصول لهذا الاتفاق.
طاعة مُطلقة
وكأننا أمام حفلة طاعة مُطلقَة للمعلّم الأمريكي، انقياد تامّ، وإذعانٌ كلّي لكلّ ما صدر عن ترامب. بالنسبة لهما، هكذا مواقف تملّقية متزلّفة، كانت ولازالت طريقًا لتثبيت المُلك الذي لا يمت للديموقراطية بصلة.
مواقف الملك وولي العهد السالفة تقول ما يلي:
1. نحن ثابتون على الاصطفاف في المعسكر الأمريكي "الإسرائيلي" مهما بلغ عُتوّه وظُلمه وتجبّره وتسلّطه في المنطقة، ومهما بلغ الارتهان لهذا المعسكر على حساب الشعوب الإسلامية والعربية.
2. سنظلّ صدى للبيت الأبيض ولن نكون دولة ذات موقف وسيادة أو أصحاب قراءة مستقلة للأحداث.
3. سنبقى نقطة ارتكاز عسكرية أمنية لـ"اسرائيل" والولايات المتحدة.
4. لن يكون لنا دور مؤثّر في مسرح السياسة الإقليمية، ولن نكون شركاء فاعلين في أيّ قرار في المحيط والإقليم.
6. لن نكون مُبادرين إلى أيّ خطاب مُتمايز في نادي الدول التابعة سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا لواشنطن.
تجاهل وجدان البحرينيين
نحن إذًا أمام ارتهان كامل يُفرغ القرار البحريني من مضمونه الوطني والعربي، فيُصبح الموقف الأمريكي مرجعًا وحيدًا للسياسة الخارجية البحرينية.
تعرف دولة آل خليفة جيدًا أن واشنطن، رغم كل حديثها عن "السلام"، لم تُظهر يومًا التزامًا حقيقيًا بمبادئ العدالة في فلسطين، بل دعمت الاحتلال سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، ومع ذلك تذهب إلى تبنّي موقف متطابق مع الجهة التي تموّل آلة الحرب نفسها. الخطاب الرسمي يستمرّ في تجاهل وجدان البحرينيين تجاه فلسطين وغزة، مُتعاملًا مع الموقف الأمريكي كأنه قدرٌ لا يُراجَع، وكأن السياسة الخارجية شأن خاص بالقيادة وحدها لا يعكس إرادة الشعب. هذا الانقياد الأعمى وراء الموقف الأمريكي لا يصنع احترامًا دوليًا، بل يُضعف صورة البحرين كدولة مستقلة قادرة على التعبير عن ذاتها ومصالحها.