عن اعتقال محمد عبد الله في مطار البحرين.. هل انزعجت السلطة من إنسانية تنكّرت لها؟

2025-10-09 - 11:50 م

مرآة البحرين: على طريقتها، قرّرت حكومة البحرين أن تستقبل الناشط محمد عبد الله الذي كان متوجهًا على متن أسطول الصمود لكسر الحصار عن قطاع غزة في ظلّ حرب الإبادة التي يتعرّض لها.

محمد عبد الله وبعد أن أسرته سلطات الاحتلال إلى جانب عدد من الناشطين الدوليين كانوا مُشاركين أيضًا في الأسطول، احتُجز 6 أيام متواصلة حتى أفرج عنه العدو تحت وطأة الضغط الدولي، وليس بفعل تدخل العواصم العربية من أجل مصلحة مواطنيها المخطوفين.

المشهد في البحرين كان مُختلفًا عن باقي الدول التي عاد إليها مواطنوها من الناشطين الذين كانوا محتجزين لدى الكيان، فدولة آل خليفة ارتأت أن تستضيف أجهزتها الأمنية محمد لدى وصوله إلى المطار، واحتجازه مرة جديدة لساعات قبل السماح له بالمغادرة الى منزله.

حقّقت الدولة هدفًا وحيدًا من خلال هذا الإجراء تجاه محمد عبد الله، فهي استطاعت أن تمنع حصول استقبال شعبي حاشد له فور وصوله إلى المطار.

ظنّت الدولة أنها بهذا الأسلوب ستُخمِد حماسة وتأييد كلّ المُتعاطفين مع الخطوة التي أقدم عليها محمد ورفاقه ممّن اختاروا نُصرة غزة على أسطول الصمود، لكنّها ظهرت مرة جديدة في كوكب بعيد وبمنأى عن كلّ ما يعني شعبها، حتى أنها ناقضت نفسها عندما أعلنت أنها تعمل على إعادة مواطنيها المحتجزين.

صحيحٌ أن وفدًا بحرينيًا تابعًا للسلطة الحاكمة زار مركز الاحتجاز، والقصد مركز الأسرى، للقاء المحتجزين والاطمئنان على سلامتهم وصحتهم، وصحيحٌ أن الخارجية البحرينية قالت إنها تواصلت مع السلطات "الإسرائيلية"، لمتابعة أوضاع مواطنيها، إلّا أن الدولة أثبتت أنها لا تحترم مواقف شعبها وتنقلب على ثوابته، وتسعى إلى ما يضمن استمرار مصلحتها مع الصهاينة على حساب المواطنين البحرينيين.

بعد مصادرتها للصورة الجامعة التي تُعبّر عن تعلّق الشعب البحريني بالقضية الفلسطينية ودعمها، لا بدّ من طرح أسئلة على سلطة آل خليفة:
* ما الرسالة التي تبعثها حين تستقبل أبناءها العائدين من مهمّة إنسانية بالقيود بدل التكريم؟

* هل تخشى من كلمة حرية تُقال خارج حدودها؟

* هل تُحاكم المواقف التي تُذكّرها بما تخلّت عنه من مبادئ العدالة والكرامة والإنسانية؟

* لماذا لم تُراعِ مشاعر آلاف البحرينيين المؤيّدين والمرحّبين بخطوة محمد عبد الله ورفاقه لكسر الحصار عن غزة؟


الأكيد أن اعتقال محمد عبد الله في المطار ليس إجراءً قانونيًا، بل إجراءً سياسيًا غايته الردع، ورسالة لبقية النشطاء بأن التضامن مع فلسطين "خارج الإذن الرسمي" جريمة.

في لحظة كهذه، تكشف السلطة البحرينية عن مفارقة مريرة: فهي ترفع شعار "نصرة الإنسانية" في المحافل الدولية، لكنها تكمّم أفواه من يمارسونها فعلًا على الأرض. وهكذا يتحوّل التضامن إلى تُهمة، والبطولة إلى ملفّ أمني، والبحر الذي عبره محمد عبد الله ورفاقه إلى مرآةٍ تُظهر عمق التناقض بين خطاب الدولة وسلوكها.