تعزيز القبضة الأمنية همّ البحرين الأول

2025-10-04 - 11:45 م
مرآة البحرين : بما أن البحرين دولة أمنية ولا تستطيع الاستمرار في الحُكم إلّا عبر هذه اللعبة، فهي تبحث دائمًا عمّا يعزّز قوّتها الأمنية. أحدثُ هذه السُبل هو الاتفاق الذي وقّعته المنامة مع إسلام آباد لتشكيل لجنة أمنية مشتركة، معنية بتعزيز وتوثيق التعاون والتنسيق الأمني، لتعميق التعاون في مكافحة المخدرات والإرهاب وعمليات خفر السواحل وأمن الحدود والهجرة وتدريب الشرطة.
الخطة المشتركة تتضمّن تدريب عناصر الشرطة البحرينية في الأكاديميات الباكستانية، إضافة إلى برامج متخصّصة للوحدات الخاصة.
فلنضعْ تفاصيل هذه الخطة جانبًا، ولنسأل حقًا وزير الداخلية راشد بن عبد الله الذي قصد إسلام آباد والتقى قادتها ومسؤوليها من أجل الخروج بهذه النتيجة: لماذا يريد دائمًا الإيحاء للشعب أنه يخوض معركة شرسة؟ وإذا كان هذا، مَن يصارع مَن؟
في الحقيقة، تتجه وزارة الداخلية البحرينية في السنوات الأخيرة إلى توسيع تعاونها الأمني مع دول عدة، ومنها باكستان، حيث تسعى للاستفادة من خبرات قواتها في التدريب والجاهزية. قد يُسوّق هذا التعاون على أنه خطوة لتطوير كفاءات الشرطة البحرينية ومواكبة التحديات الأمنية، إلّا أن التدقيق في هذه السياسات يكشف أبعادًا مُقلقة على المستويين السياسي والاجتماعي.
خطوات راشد بن عبد الله تستدعي السؤال أيضًا لماذا تستثمر الحكومة البحرينية في تعزيز القبضة الأمنية بدلًا من فتح قنوات سياسية للحوار وحل الأزمات عبر الإصلاح والمشاركة الشعبية؟
التعاون الأمني مع باكستان أو غيرها لا يمكن فصله عن سياق سياسي أوسع عنوانه "الأمن أولًا". لكن هذه المعادلة، التي أثبتت فشلها في البحرين منذ عقود، لا تجلب الاستقرار بقدر ما تُعيد إنتاج الاحتقان. فالمجتمع الذي يُدار بالتهديد سيظلّ قنبلة موقوتة، مهما بلغت الأجهزة الأمنية من كفاءة.
لذلك، فإن أيّ سياسة جدية لحماية الأمن الوطني يجب أن تبدأ من الداخل، عبر مصالحة سياسية، وعدالة اجتماعية، واحترام حقوق الإنسان. أمّا الرهان على تدريب أمني خارجي، فلن يقدّم للبحرين سوى نسخة جديدة من سياسات القمع.
في المحصّلة التعاون مع باكستان في المجال الأمني قد يرفع كفاءة الشرطة من الناحية التقنية، لكنه لن يحلّ معضلة البحرين الأعمق: غياب الحلول السياسية الجذرية.