سلام آل خليفة وحدهم

2025-10-03 - 5:08 م
مرآة البحرين : يُجمع البحرينيون على أن السنوات الخمس التي مضت على توقيع اتفاق التطبيع بين المملكة والكيان الصهيوني لم تجلب سوى العار لسُمعة الحُكم.
5 أعوام مرّت والسلطة تريد ما لا يريده شعبها. التطبيع مع العدو منذ اليوم الأول لإعلانه من البيت الأبيض لم يؤدِ سوى إلى اتّساع الفجوة بين الدولة وخياراتها من جهة، وبين المواطنين وما يطمحون من جهة أخرى.
لا جدال في دوافع السلطة للهرولة نحو حضن العدو، فالمسألة برمّتها لا يمكن إيجاد تبرير لها. مصافحة العدو خيانة مهما كانت الأسباب، فكيف إذا كانت بحجم علاقات رسمية واتفاقيات ثنائية.
إذا أردنا تشريح الكارثة على المستوى الشعبي والاجتماعي وعموم الداخل البحريني، بعيدًا عن الجانب الاقتصادي الذي في الأصل لم يُدرّ الأرباح الطائلة على خزينة الدولة، نرى أن المشهد الواضح هو التالي:
* ثبات كلّ الجمعيات السياسية ومؤسّسات المجتمع المدني ومجالسه الأهلية في البحرين على موقفه الرافض للتطبيع.
* استمرار التظاهرات الشعبية الأسبوعية وفي المناسبات المتمسّكة بخيار مناصرة حركات المقاومة في المنطقة.
* التأكيد الدائم للمراجع الدينية أن التطبيع يتعارض مع الهوية الوطنية والدينية للشعب البحريني الذي وقف تاريخيًا إلى جانب القضية الفلسطينية المقدّسة.
* التهميش المتواصل من جانب للسلطة لرأي السواد الأعظم من الشعب بالعلاقة مع الكيان الصهيوني.
كذلك يمكن القول إن الاتفاق عزّز من أزمة الثقة بين الدولة والشارع البحريني، حيث يشعر المواطن أن القرارات الاستراتيجية تُتّخذ بعيدًا عن تطلّعاته والأهمّ مبادئه، ما يُغذّي مشاعر الإحباط لدى فئات واسعة من الشعب ترى أن صوتها لا يؤثّر في القرارات الكُبرى.
ينظر الشارع البحريني إلى فلسطين باعتبارها قضية مركزية، والتطبيع برأيه يعني تجاوز البُعد الأخلاقي والقومي، ولهذا فَهِمَ أبناء هذا الشعب أن اتفاق الذلّ الموقّع مع "اسرائيل" هو تخلٍّ تامّ عن فلسطين وليس خطوة للسلام.
على الرغم من دعاية السلطة بأن التطبيع سيجلب استثمارات وفرصًا اقتصادية، إلّا أن المواطن البحريني لم يلمس مكاسب فعلية في حياته اليومية، هذا إذا سلّمنا جدلًا بهذا الادعاء، وعليه تُعزّز هذه المزاعم الانطباع الشعبي بأن التطبيع يخدم النُخب السياسية والاقتصادية حصرًا.
ما حقّقه الاتفاق بين آل خليفة و"اسرائيل" هو أنه عمّق الشرخ مع الشعب، وعمّق أيضًا الفجوة بين القرار الرسمي والوجدان الشعبي. البحرينيون لا يرون فيه إلّا تراجعًا عن الثوابت القومية والدينية وخيانة لفلسطين، وزلزالًا أخلاقيًا وسياسيًا ضرب وجدان بلدهم. القرار صدر دون استفتاء أو نقاش عام، وكأنّ الدولة أرادت أن تقول لمواطنيها: لا حاجة لكم.
السلام الحقيقي لا يُبنى على جماجم الأطفال في غزة، ولا على حساب إرادة الشعوب. السلام لا يفرض بالقوة ولا يُشترى بالصفقات. الشعب البحريني قال كلمته: التطبيع ليس خيارنا. وإن أصرّت السلطة على عكس ذلك، فإن التاريخ سيكتب أن هذا السلام لم يكن سوى ورقة في يد السياسة، وخيانة في نظر الشعب.