التنوّع الطائفي في البحرين.. تلميعٌ للخارج واضطهادٌ في الداخل

2025-09-15 - 11:11 م
مرآة البحرين : مقبرة ثالثة للمسيحيين في البحرين بمنطقة سلماباد، هكذا يقول الخبر الذي خصّصت له صحيفة الأيام مساحة خاصة (تقرير + فيديو) لتغطية هذا الحدث. طبعًا الهدف الأساسي من "الحكاية" كلّها هو تحقيق العنوان الدعائي الثابت لدى السلطة الحاكمة: تعزيز قيم التعايش والتسامح بين الأديان والثقافات.
بحسب الصحيفة، تمّ تخصيص أرض واسعة للمقبرة وتوفير 200 طن من الرمل لتهيئتها ورفع مستواها. الخبر عن افتتاح مقبرة جديدة للمسيحيين يظهر الوجه "المتسامح" الذي تحبّ السلطة البحرينية أن تُصدّره للخارج: صور مع السفراء، كلمات عن التعايش، إشادة من المطارنة، حضور رسمي لافت، كلّ ذلك يُسوَّق كدليل على الانفتاح والتسامح. غير أن الواقع مُغايرٌ على الأرض، فخلف هذا المشهد الناعم، تقف الحقيقة المرّة: تمييز طائفي ضد شيعة البلد الذين يُعتبرون فئة أساسية وأصيلة من تاريخ البحرين.
تشهد كلّ التقارير من مختلف منظمات حقوق الإنسان كم أن الغالبية الشيعية في البحرين تعاني من سياسات إقصاء واضحة: في التوظيف، في الجيش، في الشرطة، في مواقع القرار، أي يُقصى الشيعة من حقوقهم الأساسية كمواطنين مُتساوين. ما تفعله الدولة هو تسويق الاعتناء بالأقليات كبرهان على التسامح، لكن هذا لا ينسحب على المكوّن الأكبر، أي الشيعة، الذين يتعرضون للتمييز في مجالات السكن، المنح الدراسية، التوظيف، الحريات الدينية والحقوق السياسية.
المفارقة الأخلاقية هنا أن الدولة البحرينية التي تفتخر ببناء كنيسة أو مقبرة مسيحية، هي نفسها التي تهدم مساجد شيعية أو تمنع إعادة إعمارها، كما حصل بعد عام 2011. هذا التناقض يكشف أن الموضوع ليس احترامًا للأديان، بل سياسة انتقائية هدفها تحسين الصورة أمام الخارج، مع استمرار التمييز ضدّ الداخل الشيعي.
لا نقاش في حقوق الطوائف كلّها على أرض البحرين، فالشعب مُقتنع بهذا المبدأ ويُطبّقه من دون حاجة لإجراءات رسمية. ولا نقاش في حقّ المُقيمين المسيحيين في البحرين في مقابر وكنائس خاصة بهم، ولا نقاش حتى في حقوق الجالية الهندية التي تُزاحم أهل البلد في الطرقات. المشكلة تكمن في أداء الدولة وازدواجية معاييرها، يضيق صدرها أمام المواطن الشيعي، وتنفرج أساريرها أمام الأجانب وكلّ الطوائف الأخرى.
افتتاح مقبرة للطوائف المسيحية بحدّ ذاته ليس مشكلة، بل خطوة طبيعية في أيّ بلد متنوّع، لكن المشكلة أن هذا يُستَخدم كستار لسياسة قائمة على تمييز مذهبي فاقع ضدّ شيعة البحرين، الذين يُحرمون من أبسط حقوقهم في المواطنة المُتساوية. هذا ليس تسامحًا، بل استغلال سياسي للدين: تسامحٌ مع الأقليات أمام الكاميرات، وتمييزٌ ضدّ الأكثرية خلف الأبواب المُغلقة.
- 2025-09-12الحياء المفقود لدى دبلوماسية البحرين!
- 2025-09-10قراءة في خطورة انخراط البحرين في حرب محتملة على إيران
- 2025-09-10فوز مُعاد إنتاجه: عيسى الشايجي وجمعية الصحفيين بين التزكية والوصاية السياسية
- 2025-09-08نادي الخالدية: البطل الذي نزل بالبراشوت!
- 2025-09-07مجلس المرأة في البحرين.. لزوم "ديكور" الدولة