الحياء المفقود لدى دبلوماسية البحرين!

2025-09-12 - 1:36 م

مرآة البحرين: بيانات الدبلوماسية البحرينية الرسمية أشبه بصيف وشتاء في فصل واحد. آخر إبداعاتها، إدانة العملية الفدائية التي نفّذها مقاومون فلسطينيون (استشهدوا على الفور) ضدّ مستوطنين صهاينة في القدس المحتلة، وبعد أقلّ من 48 ساعة إدانة القصف "الإسرائيلي" الذي استهدف العاصمة القطرية.

هذا ما حصل فعلًا مع البحرين التي سارعت إلى التنديد بعملية فدائية ضدّ عدو الأمة الذي قرّر الملك البحريني حمد بن عيسى التحالف معه، وقالت في بيانها الرسمي إنها تجدّد موقفها "الثابت والرافض لكافة أعمال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، والداعي إلى ضرورة إحلال السلام العادل والشامل في المنطقة، بما يحقق الأمن والاستقرار والنماء للشعبين الفلسطيني و"الإسرائيلي" وشعوب المنطقة كافة".

بعد ساعات ليست طويلة، أغارت طائرات الاحتلال على الدوحة مستهدفة قيادة حركة حماس ووفدها المفاوض. و"على السريع" أيضًا، أدانت المنامة الهجوم واصفة إيّاه بـ"الانتهاك للسيادة الوطنية القطرية ولمبادئ القانون الدولي"، معربة عن "تضامنها الكامل مع دولة قطر الشقيقة، في كل ما تتخذه من خطوات لحماية أمنها وسيادتها وسلامة المواطنين والمقيمين على أرضها"، داعيةً إلى "التهدئة ووقف التصعيد، حفاظًا على السلم والأمن الإقليميين".

هذا ما جاء في المواقف الرسمية للبحرين. طبعًا الموقف لا يعدو كونه إجراء مطلوب للحفاظ على صورة "الأخوّة الخليجية" بعد سنوات قليلة من الجفاء والقطيعة مع قطر، غير أن انتقاد عملية بطولية في فلسطين المحتلة لا يمكن المرور عليه مرورًا طبيعيًا.

إدانة عملية القدس التي آلمت العدو والمستوطنين من المفترض ألّا تؤلم عربيًا واحدًا، فلماذا تخطو البحرين هذه الخطوة وتقول ما قالته في بيانها وتأسف لمقتل هؤلاء؟ لماذا شعور النظام الحاكم في البحرين تحرّك بعد ساعات قليلة جدًا على العملية، ولم يتحرّك بنفس الوتيرة تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم الذي يتعرّض منذ عام 2023 لأبشع أنواع القتل والمجازر والتدمير والتهجير؟

تخشى سلطة آل خليفة على مشاعر الصهاينة، فتُقرّر أن تُخالف موقف السواد الأعظم من شعبها الذي يلتزم ويعتنق القضية الفلسطينية من منطلق إسلامي وإنساني وأخلاقي، وتعبّر عن مواساتها لـ"الشعب الإسرائيلي". بكلّ وقاحة، تصطفّ مع المحتلّ على حساب أصحاب الأرض الذين لهم الحقّ الطبيعي والفطري في مقاومة الصهاينة.

منذ عام 2020 وتوقيع اتفاقية الخيانة مع كيان العدو، تحرص البحرين على التطوّع لتقديم أوراق اعتمادها أمام الحلفاء الجدد في "تل أبيب"، فتتودّد دائمًا لهم من باب المشاعر الإنسانية التي لا تستحضرها إلّا عندما يتعلّق الأمر بمصالحها.

المفارقة أنه حين يُستشهد فلسطينيون يوميًا بالرصاص، تُمحى الأسماء في بيانات الخارجية البحرينية تحت عناوين عامة مثل "ندعو لضبط النفس"، لكن حين يسقط قتيل "إسرائيلي"، تتحوّل المنامة فجأة إلى مركز إنساني عالمي، وتنهال بيانات الاستنكار ورفض العنف وكأننا أمام منظمة سلام دولية.

قد يظنّ المرء أنّ البحرين بلد يطفح بالعدل والرخاء والكرامة، ففرغت أجندته الداخلية، ولم يبقَ أمامه سوى متابعة شؤون الاحتلال. لكن الحقيقة أن هذا الحرص ليس أكثر من محاولة بائسة لإرضاء أسيادهم في واشنطن و"تل أبيب": "أنظروا إلينا.. نحن أوفياء للتحالف الجديد".
أمّا المواطن البحريني، فليكن تابعًا لسياسة الدولة التي تعتمدها تجاه قضايا الأمة، فليكن عبدًا مُطيعًا لا يملك رأيًا، وليتقبّل أن دولته مشغولة جدًا بطمأنة "إسرائيل"، لا بطمأنته هو!