المارق نتنياهو إلى الخليج: رسائلي ثقيلة ودموية

عباس الجمري - 2025-09-11 - 12:55 ص
مرآة البحرين : وصْف نتنياهو بالمارق لم يأت من محلل سياسي منفعل على شاشات التلفزة، ولم يصدر عن مسؤول في محور المقاومة، بل جاء على لسان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، بعدما شنت إسرائيل في يوم الثلاثاء 9 سبتمبر هجوماً جوياً استهدف قادة من "حماس" كانوا في الدوحة لغرض استكمال المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل.
المسؤول القطري وصف الحادث بأنه إرهاب دولة، لكن كل تلك التوصيفات لم تكن بأهمية سؤال طرحه حينما قال: "أعلن نتنياهو أنه يريد تشكيل الشرق الأوسط، فهل يريد تشكيل الخليج؟"
هذا السؤال يأتي برسم الجهود التي تبذلها قطر للتموضع في حيثية المحايد، وهي التي تعد من أكبر حلفاء واشنطن خارج حلف الناتو، وتضم أراضيها أهم القواعد العسكرية للولايات المتحدة، لكن كل ذلك لم يشفع بستر التغول الإسرائيلي على أكثر المناطق العربية أمناً ورخاءً، وكأن الضربة كانت رسماً للمعادلات أكثر من كونها أداة لغاية أمنية أو عسكرية.
أما المترتبات على هذه الضربة، فإنه قد سقط وهم أن حلفاء الولايات المتحدة الذين يقعون تحت مظلتها الأمنية والعسكرية في مأمن من زعزعة الاستقرار الذي يمارسه الصهاينة في المنطقة.
رسائل الدم التي أرسلها نتنياهو بصواريخه على الدوحة، أسقطت معها أيضا حجة التطبيع، لأن قطر تربطها علاقات اقتصادية مع الكيان منذ التسعينات، ومن جهة أخرى، نشوة نتنياهو في التغول، حتى أنه نسي المعادلات والتعقيدات في العلاقات الدولية، فأخذ مأخذه حتى علق على الحادث بالقول: أن لا حصانة لأعداء إسرائيل في أي مكان، وهذا يعني أن دول الخليج ستكون مرتعاً للإرهاب الصهيوني إذا لم تمشي بهندسة دقيقة يرسمها الصهيوني لتحقيق أعلى مصلحة لمشروعه.
أما المترتب الثالث، فإن دول الخليج نفسها والتي تصرف مئات المليارات على التسلح، لم تستفد من كل ذلك، فلا القواعد الأمريكية أفادتها (كما جاء في المترتب الأول)، ولا أسلحتها المتطورة التي تشتريها من الولايات المتحدة وأوروبا قد نفعتها يوم عز النافع.
وعليه؛ فإن البحرين ليس بمنأى عن هذا السيناريو، ولا أي دولة خليجية أخرى، الأمر الذي ينبغي أن يغير النظرة التقليدية للتحالفات القديمة القائمة على الرتابة، ودعوة دول الخليج وعلى رأسهم الدول المطبعة علناً كــ (البحرين والإمارات) باتخاذ خطوات جادة في سبيل الردع -ولو الدبلوماسي- ليست دعوة ثورية منفعلة، بقدر ما هي دعوة لضبط الإيقاع المجنون الذي يعزفه رئيس الوزراء الإسرائيلي وهو على حافة الفشل، لأن عدم اتخاذ خطوات غير تقليدية وغير رتيبة لن تكون ناجعة مع ما يقابلها إسرائيلياً من خطوات جريئة، وبذلك تكون نفس اللغة الخارجة عن السياق هي القاعدة التي يفهم من خلالها الإسرائيلي ومن ورائه الأمريكي مفهوم التخاطب.
إن الخليج في عين عاصفة غير مرسومة العواقب، ما لم ترسم أمنها بنفسها، وصار التطبيع اليوم في موقع أكثر حراجة من ذي قبل، بعد أن ذهبت سكرة التعايش والرخاء المزعومين مع الصهاينة، ولن ينفع الشجب والاستنكار كرسائل رد على رسائل الأمن والدم، خصوصًا مع استخفاف أمريكي بالحادث والإدعاء بأن الإدارة الأمريكية لم تعلم بالهجوم إلا بعد وقوعه.
- 2025-09-05مملكة الريتويت!
- 2025-09-01سفير "إسرائيل" الجديد في البحرين..أي خطورة يحمل؟
- 2025-08-31من يراقب الصناديق؟ الجمعيات الخيرية بين التضييق الرسمي والاختراق الأمني
- 2025-08-20البحرين: مملكة الخوف والمرايا المُشققة
- 2025-08-17تغييب يوم 14 أغسطس في البحرين .. جريمة سياسية لإخفاء الاستقلال الحقيقي وتفكيك الوحدة الوطنية