قراءة في خطورة انخراط البحرين في حرب محتملة على إيران

2025-09-10 - 4:34 م
مرآة البحرين : الانتهاء الفجائي لحرب الإثنى عشر يوما، علّق سؤالاً متكرراً عن ثلاثة أمور، الأسباب التي أنهت الحرب والزلزال السياسي الذي ارتد من وقع تلك الحرب ولا يزال في ارتداداته، والأمر الثالث وهو أهمهم: هل انتهت الحرب فعلًا، أم أنها كانت نهاية جولة تآكلت أسبابها فتوقفت لا غير؟
الإجابة على الأسئلة الثلاثة يعطينا فهما منسجماً وواضحا بشأن تبادل التهديدات بين الجمهورية الإسلامية والكيان الصهيوني، خصوصًا مع قراءة السياق الذي يتوسط المرحلتين، فوكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، وبدلًا من أن تقوم بواجبها القانوني ووظيفتها الأساسية بحماية منشآت إيران كونها سلمية، لم تبد أي حراك والمنشآت تحت النيران، حتى أنها لم تتحرك على المستوى الإعلامي، فضلًا عن القانوني والسياسي والميداني، وبالتالي قابله قرار مجلس الأمن القومي الإيراني بتعليق التعاون معها، أما الترويكا الأوروبية التي رفعت الصوت بتفعيل آلية الزناد الخميس 27 أغسطس ، (أي إعادة العقوبات الاقتصادية على طهران بعد ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان تفعيل الآلية) ، مجلس الشورى الإيراني طرح مقترحاً بالانسحاب من اتفاقية حظر الانتشار النووي، ولعل سيصادق عليه حالما يصادق الآوروبيون على تفعيل آلية الزناد.
هذه السياقات إذا وضعت متجاورة مع الاستعدادات الكبيرة التي تقوم بها طهران بتخزين المؤن وتعزيز البنية الاجتماعية في حال وقعت الحرب، إضافة للمؤشرات على إصلاح الأعطاب الأمنية والاستخباراتية التي كانت سبباً في تلقي الجمهورية الإسلامية ضربة مفاجئة في بداية الحرب، ويقابلها الكيان الغاصب، إذ عزز دفاعاته الجوية بشحنات إضافية من الولايات المتحدة، رافقها تصريحات من الطرفين بالتهديد والوعيد، كل ذلك يؤشر على أن ثمة تلبد لغيوم الحرب، والأفق الحالك بالتوترات حتى بين الدول العظمى يؤكد هذا الأمر، ما لم تطرأ تطورات دراماتيكية تقشع السحاب الثقيل الجاثم على المنطقة.
بلا شك أن تلك الأجواء الثقيلة لن تنحصر بين إيران والكيان، لأن دول الطوق معنية بالموضوع من جهة، وحلفاء الولايات المتحدة من العرب معنيون هم أيضا بما له صلة من من مصالح أمريكا الاستراتيجية.
لكن مستوى فهم السياقات السابقة، ينبغي أن تتصل بسياقات أخرى أعمق، وهي أن الأمريكي والإسرائيلي وصلا لذروة اللحظة الاستراتيجية، التي من المخطط أن يستغلوها أيما استغلال لجني أكبر قدر من المكاسب، فتوجيه ضربة لإيران يستشهد فيها قادة كبار وعلماء نوويين، وسقوط النظام السوري، وضرب قادة من المقاومة اللبنانية وتدمير غزة، والنشوة غير المسبوقة بالتفوق التكنولوجي التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في الحرب، كل ذلك لا قيمة له إن لم يُصرف في السوق السياسية، ولحد الآن الأثمان التي يُتوقع جنيها لا زالت بعيدة المنال: كسقوط النظام في إيران ونزع سلاح المقاومة في لبنان وفلسطين وتموضع جيوسياسي استثنائي لإسرائيل في المنطقة، كل ذلك لم تصل له تل أبيب، وهي لا تزال تسعى لذلك، لأن فوت اللحظة التاريخية هذه يعني انكساراً كبيراً للكيان، رغم كل ما حققه على الجهة المقابلة.
من كل ما سبق من مشهد معقد، يسعى الإسرائيلي أن يستثمر الوقت، ويعيد الكرّة على إيران بطريقة مختلفة وكبيرة، وهذه المرة مع الذراع الأمريكي الطويل، الذي لا تخلو مؤشراته من تناغم مع هذا التوجه الجنوني، فإعادة تذخير البحرين بصواريخ دفاعية متطورة من نوع هرمز، وتصريحات قائد الأسطول الخامس بأهمية هذا الأسطول لصد ما يسميه (النفوذ الإيراني)، وغيرها من مشاهد، تؤكد على هذا التوجه.
المشكلة أن حلفاء واشنطن خصوصا الصغار (على مستوى الإمكانات) منهم، كالبحرين، أشبه بالعالقين، فالعالم يتغير من حولهم، وهم يصعب عليهم توسيع خياراتهم، الهند والصين وروسيا وكوريا الشمالية أكدوا على ملامح التغيير العالمي في قمة شنغهاي الأخيرة نهاية الشهر المنصرم، وهذا المسعى يتقاطع مع مصالح إيران، ما يؤكد أن من مصلحة تلك الأطراف دعم طهران بشكل أو بآخر بوجه التغول الأمريكي، خصوصا إذا أرادت واشنطن توجيه ضربة لإيران ولو من خلال حرب إسرائيلية، ما يعني، أن انقسام العالم يعمق سيناريوهات الخرائط الجديدة، التي قد تكون فيها البحرين كالمعلقة حرفياً، رغم أن الحياد في مثل هذه المواضع أسلم الخيارات على الأقل مرحلياً، لكن أنى يستطيع النظام الحاكم في البحرين اللجوء لهذا الخيار، وهو مربوط أمنياً بالولايات المتحدة رباطاً وثيقاً، ظنه رجالات الحكم في فترة من الزمن أنه رباط آمن لا يمكن فك وثاقه، لكن تبين أن السنن سريعاً ما تكشف عن أثرها في التغيير الكوني.
- 2025-09-10فوز مُعاد إنتاجه: عيسى الشايجي وجمعية الصحفيين بين التزكية والوصاية السياسية
- 2025-09-08نادي الخالدية: البطل الذي نزل بالبراشوت!
- 2025-09-07مجلس المرأة في البحرين.. لزوم "ديكور" الدولة
- 2025-09-06من العمالة السائبة إلى قاعات المحاكم: كيف غيّر التجنيس خريطة الجريمة في البحرين؟
- 2025-09-03رغيف البحرينيين في خطر