نادي الخالدية: البطل الذي نزل بالبراشوت!

2025-09-08 - 11:26 م

مرآة البحرين: في هذا الوطن، وُجدت أندية الكرة كما وُجدت حكايات الناس. بعضها بدأ بحذاءٍ مُمزّق، وبملعبٍ ترابي خلف مدرسة حكومية، وبشغف طفلٍ يركض وراء حلم أكبر منه.
وبعضها الآخر ،لا نعرف من أين جاء، ولا كيف نزل، لكنه وصل جاهزًا، مُدهونًا، مُلمّعًا، ومُعتمدًا من الجهات العليا.

هكذا هبط نادي الخالدية
لا من بيوت الفقر في المحرق، ولا من أحياء النويدرات، ولا من زوايا الرفاع الشرقي،ولا من الملاعب الشعبية في كرانة ، بل نزل علينا كما تهبط الطائرات العسكرية في احتفالات العيد الوطني: بزخمٍ إعلاميّ، وبخطّ تمويني مفتوح، وببطولات كانت في الانتظار!

نعم، نادٍ تأسس رسميًا في عام 2020، وها هو يتوّج بالدوري المحلي ، ويتصدر عناوين الصحف، ويستعد لـ"تمثيل البحرين آسيويًا" ، والسؤال البسيط: كيف؟

يا جماعة، شوي احترام للعقول!
نادي ما لعب في دوري الفئات، ما غاب لاعبيه عن المدرسة بسبب بطولة خارجية، لم وقف جمهوره على بوابة الاتحاد يطالب بعدالة تحكيم، فجأة يدخل التاريخ من الباب العريض!
أندية كالنادي الأهلي، المحرق، الرفاع، البديع، سترة، كلها تاريخ وجماهير، وبعضها بالكاد يمتلك ما يسد مصروف التنقلات، بينما "الخالدية" يبدو وكأنه وُلِد بميزانية وزارة!

المسألة ليست مجرّد فوز، بل مشروع سياسي مُغلف بعباءة رياضية.
هل نحن أمام نادٍ أُنشئ لإصلاح الرياضة؟ أم نادٍ أُنشئ لإعادة رسم خارطة النفوذ الرياضي في البحرين؟

الخالدية بطل من ورقٍ ذهبي!
النادي لا يملك قاعدة جماهيرية حقيقية، ولا حتى صفحات تواصل ناشطة من تلقاء نفسها، لكنه يملك تغطية إعلامية خيالية، أقرب إلى تغطية مباريات برشلونة!
مبارياته تُبث، صوره تُنشر، وحتى أهدافه تُعاد وكأن كرة القدم البحرينية لم تبدأ إلا معه!

ولا تسأل عن الناشئين.
لا تسأل عن مشروع الأكاديميات، أو دعم الفئات، أو تخريج المواهب. هذه تفاصيل تخص الفرق التي (ما عندها ظهر) ، أمّا الخالدية، فكل ما يحتاجه هو توقيع على خطاب رسمي، وأُنجز الأمر.

نادٍ لا يُهزم في شراء اللاعبين، لأن خطط الهزيمة غير مُدرجة في جدول الوزارة، فالرياضة عندنا، مثل السياسة: فيها ظاهر وباطن.
في الظاهر، هي منافسة وشرف وعرق، وفي الباطن، هندسة وصناعة وتلميع.
وفي هذا السياق، يصبح نادي الخالدية ليس إلا واجهة لمرحلة، فيها كل شيء محسوب: من الدعم، إلى الرعاية، إلى التتويج.

ولا تتفاجأ إن رأيت الحكم يحتسب "بلنتي" في الدقيقة 99 لصالح الخالدية، ولا تستغرب إن أُعلن عن صفقة انتقال نجم المنتخب إليه بـ"مكرمة رياضية" ، ولا تنكر أن الأندية العريقة صارت تُستدعى للفرجة فقط، أو لتكميل عدد الدوري.


أندية كالمحرق والنجمة والأهلي تعاني.
تعاني من الديون، من غياب التخطيط، من الإهمال. تُدار بتطوع المحبين وتبرعات المغتربين.
بينما "الخالدية" يُغدق عليه بلا حساب، وكأن لسان حالهم يقول: أنتم تتعبون ونحن نحصد!

ختام المهزلة
إذا اعترضت على هذه المسرحية، سيُقال لك إنك تُسيس الرياضة. لكن الحقيقة، هم من سيّسوا الرياضة حتى لم يبقَ منها رياضة!

سؤال أخير للمسؤولين:
هل نريد رياضة تنبع من حب الناس، وتعبهم، وهتافهم الصادق؟
أم نريد أندية (مُعلّبة) تُولَد بقرار وتفوز بأمر، وتُرشّح آسيويًا دون أن تمسح عرقها؟

الخالدية، ربما لا يُلام ..
هو فقط يمثّل نظامًا يرى في كل مساحة -حتى الملعب- فرصة للهيمنة، لكن تذكروا: في الرياضة، كما في الحياة، من لا يُولد من العرق، لن يُخلَّد في القلب!