مجلس المرأة في البحرين.. لزوم "ديكور" الدولة

2025-09-07 - 3:40 م
مرآة البحرين : عام 2001، أمر الملك البحريني حمد بن عيسى بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة. الخطوة جاءت في بداية حُكم الملك، كغيره من القرارات التجميلية والضرورية لبناء صورة إمساك الدولة من كلّ الجوانب.
مرّت 24 سنة على تأسيس المجلس الأعلى للمرأة. عندما يُسأل البحرينيون، وتحديدًا البحرينيات: "هل شعرتنّ بفرق؟" ، لا يُعرن الأمر أهمية. هذه هي مكانة المجلس بعيْن نساء البحرين فعليًا، لكنّ الدولة تُصرّ على التباهي بندواتٍ ولقاءاتِ المجلس على أنها إنجازات غيّرت تاريخ النساء والفتيات وحتى القادمات إلى الحياة!
عند التمعّن فعلًا في أرشيف المجلس وما حقّقه للمرأة، يتّضح بلا لُبس أن لا تأثير لدوره في خارطة المؤسسات الرسمية، إذ يبقى استشاريًا فقط، يُصدر تقارير عامة، ويُقدّم مركز معلومات المرأة فيه على أنه مرجع لمتابعة مؤشرات الخطة الوطنية والاستراتيجيات الوطنية والبرامج والمشاريع المنبثقة منها سواء على مستوى الأمانة العامة للمجلس أو مع شركاء التنفيذ. كذلك يعمل المركز على جمع المعلومات والبيانات وإعداد الدراسات والتقارير وأوراق العمل المحلية والدولية المتعلقة بالمرأة البحرينية في المجالات المختلفة.
بمعزلٍ عن أن المجالس الشبيهة بهذه المؤسسة لا تستطيع القيام بأي شيء تنفيذي، فصلاحياتها لا تخرج عن الإطار الاستشاري، إلّا أن من يُراقب نشاطاته وكيفية احتفاء السلطة بذكرى إنشائه، يظنّ أن ابتكارًا فريدًا أو اختراعًا عظيمًا أقدم عليه، أو نتيجة مُبهرة للنساء توصّلت إليه أبحاثه ودراساته وأوراقه.
ليس من باب التنمّر أو التهكّم على هذه الجهة، بقدر ما هو إضاءة على عجز مُستدام لدى كلّ الهيئات والمؤسسات التي تنشأ في البحرين بأمر ملكي بهدف دعائي لا إصلاحي. هذا ما يظهر في تلكّؤ المجلس الأعلى للمرأة عن حقوق لا بدّ من توافرها أو العمل من أجل أن تنالها المرأة في البلد، بلا منّة من أحد.
هناك نقاش طويل وربّما عقيم في مدى استطاعة إحداث أي فرق من قبل هذه المؤسسات بالنسبة للمرأة البحرينية التي ما تزال إلى اليوم تشكو من:
* الظلم والتهميش والحرمان من أيّ امتياز طالما أنها في المعسكر غير الموالي للنظام.
* حظر أيّ مشاركة سياسية إلّا إذا كانت من المطبّلين للدولة، فاقدة لأيّ تفكير معارض أو متمايز ومختلف عن خطّ السلطة، فالقوانين (مثل المادة 18 من قانون الجمعيات والأحزاب) تمنع الأصوات المستقلة والمعارضة من التعبير والمشاركة، بما يتعارض مع الاتفاقيات الدولية.
* عدم التعويض عمّا تعرّضت له نحو 400 امرأة حين اعتُقلن سياسيًا، فكثيرات منهن تعرضن للتعذيب والتحرش والإجبار على اعترافات كاذبة، وما تزال آثار الانتهاكات تلاحقهن.
* ارتفاع نسبة البطالة بين النساء والشابات إلى أكثر من 60% منهم، فالسلطة تفضّل الأجانب في الوظائف، ممّا يفاقم الأزمة.
وعليه، المجلس الأعلى للمرأة لا يتعامل مع هذه القضايا، بل يكتفي بالشعارات والترويج الإعلامي مثل "تمكين المرأة"، في حين أن الواقع يشي بتمييز وظلم واختلال العدالة. لذلك من يتابع بيانات المجلس الأعلى للمرأة في البحرين يظنّ أن البحرينيات يعشن في جنّة المساواة والحقوق، وأن المجلس هو حارس العدالة بين الجنسيْن. لكن الحقيقة أبسط وأكثر مرارة: هذا المجلس لم يُنشأ إلّا ليكون ورقة تجميلية في دفتر الدولة، ومجرّد ديكور سياسي لتلميع صورتها أمام العالم.