رغيف البحرينيين في خطر

2025-09-03 - 7:16 م

مرآة البحرين: "فاتورة دعم الطحين.. والهدر الخفي" عنوانُ مقالٍ ورد في صحيفة الوطن بتاريخ 17 آب/أغسطس 2025، يقول كاتبه محمود المحمود (رئيس تحرير جريدة "ديلي تربيون" الإنجليزية) إنه التفتَ إلى أن الدولة البحرينية تدفع فاتورة تصل إلى 30.4 مليون دينار فقط للطحين، معتبرًا ذلك مؤشرًا يستلزم من الخبراء والمختصّين البدء في إجراء تحليل اقتصادي معمّق ووضع حلول استراتيجية لضمان استدامة توفير هذه المادة الحيوية.

كلامٌ لا يمرّ على أصحاب العقول مرور الكرام. فما يُنشر في وسائل إعلام السلطة له رسالة. وقد تكون مقالة المحمود اليوم جسّ نبض للشارع البحريني كيف سيتعاطى مع أيّ خبر يُشير إلى إمكانية خفض أو رفع الدعم عن الطحين.

يتحدّث المحمود في مقالته وكأنّ الدولة استنفذت حلولها، والطحين هو من يُغرق ميزانيتها في العجز. لا بل يكرّر مُفردة الهدر ويتّهم المواطن بالعملية، بلا أيّ إشارة الى جهة أخرى كالدولة مثلًا.

بحسب Bahrain Food Bank، يُمثّل حجم الهدر الغذائي في المملكة نحو 95 مليون دينار بحريني سنويًا. ووفق تقديرات حديثة، فإن التخلّص من 230000 طن من الهدر يُكلّف الدولة أكثر من 140 مليون دينار بحريني سنويًا. هذا صحيح، غير أن ما هو غير منطقي أن أسباب ذلك هو الطحين والخبز!

منذ سنوات والحكومة البحرينية تلوّح بملف رفع الدعم عن السلع الأساسية، والطحين على رأسها، باعتبار أن استمرار الدعم يُثقل الموازنة العامة. لكن مهلًا! الموضوع يتعلّق بأكثر سلعة ضرورية على تماسٍ مع يوميات المواطن البحريني، وهذا يعني أن أيّة زيادة في سعره ستنعكس مباشرة على كلفة المعيشة برمّتها. المواطن العادي، الذي يواجه أصلاً غلاءً في السكن، وفواتير الكهرباء، وأسعار المحروقات، سيجد نفسه أمام عبءٍ إضافي لا يمكن تجاوزه.

التلويح والتلميح الذي يتضمّنه مقال محمود المحمود يعني أن القرار قابل للتنفيذ، فهل لنا أن نسأل هنا : هل يستطيع المواطن تحمّل أعباء جديدة تجاه سلع لا يستطيع تخطّيها؟ أليس الأولى إصلاح سياسات الإنفاق، والحدّ من العقود المليونية، والموازنات المخصّصة للتسلّح والترف الحكومي، قبل أن يُطلب من العامل البسيط دفع ثمن الإصلاح الاقتصادي على حساب رغيف الخبز؟

الدعم الحكومي للطحين لا يُعتبر ترفًا، بل هو جزءٌ من العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن. رفعه بشكل مفاجئ أو كامل يعني المساس بأبسط حقوق الناس في الحصول على غذاء متاح بسعر مقبول.

إذًا ما هو المطلوب من السلطة الحاكمة؟

يمكن تلخيص أبرز "المخارج" دون المساس برغيف البحرينيين عبر التالي:

* الموازنة بين حاجة الدولة لضبط الميزانية وبين مسؤوليتها الاجتماعية.
* محاربة الهدر والشفافية في إدارة المال العام.
* فرض عدالة ضريبية تطال أصحاب الأرباح الكبيرة، لا من خلال التضييق على المواطن.
* إصلاح أولويات الإنفاق العام: خفض الإنفاق على الكماليات والمشتريات العسكرية غير الضرورية.
* ضبط الأسعار عبر مراقبة الأسواق ومنع الاحتكار أو استغلال رفع الدعم للمغالاة.


هذه القضية تمسّ كرامة المواطن وأمنه الغذائي الذي يجب أن تضعه الدولة على رأس أولوياتها، وليس أيّ ملفّ آخر.