حقوقيون: التعيينات الجديدة في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تكريس للولاءات وتغييب للاستقلالية

2025-09-02 - 2:05 ص
مرآة البحرين : أعادت التعيينات الملكية الأخيرة في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان الجدل حول موقع هذه المؤسسة في المشهد السياسي والحقوقي البحريني، ومدى استقلاليتها عن أجهزة الدولة الأمنية والتنفيذية. فبدلاً من أن تُشكَّل عضويتها على أساس الكفاءة الحقوقية والخبرة الميدانية، يرى مراقبون أن المؤسسة تُدار بمنطق المحاصصة والتوازنات الاجتماعية، لتتحول إلى واجهة سياسية - أكثر من كونها هيئة وطنية - هدفها تحسين صورة النظام خارجيًا في ظل تزايد الانتقادات الدولية لسجل البحرين الحقوقي.
الحقوقي السيد يوسف المحافظة يصف آلية اختيار الأعضاء بأنها أقرب إلى التعيينات التشريفية، التي تقوم على الولاءات العائلية والقبلية، بعيدًا عن أي عملية انتخابية شفافة أو اعتماد لمعايير التخصص والخبرة. فالمجلس الجديد يضم في معظمه تجارًا، عسكريين سابقين، وسياسيين ودبلوماسيين، يفتقرون إلى أي رصيد حقوقي أو ارتباط فعلي بالمجتمع المدني المستقل.
ويشير المحافظة إلى أن المؤسسة عجزت في دوراتها السابقة عن إظهار استقلالية حقيقية، إذ وثّقت تقارير دولية ضعف معالجتها للشكاوى وغياب مبدأ المحاسبة في بياناتها، إضافةً إلى التوثيق الهزيل لزيارات السجون وما يكشفه من غياب الشفافية. ويؤكد أن المدخل لإصلاح هذه المؤسسة هو الالتزام الجاد بـ مبادئ باريس، وتوسيع صلاحياتها للعمل خارج هيمنة جهاز الأمن الوطني ووزارة الداخلية، بما يسمح لها بالتحول إلى جهة رقابية تساند الضحايا وتحمي الحقوق الدستورية والدولية بدلاً من تبرير الانتهاكات.
أما الحقوقي ناجي فتيل فيرى أن التشكيل الجديد لمجلس مفوضي المؤسسة، الصادر في 12 أغسطس 2025، جاء انعكاسًا واضحًا لـ "المحاصصة الدينية والطائفية"، حيث تم توزيع المقاعد بمنطق سياسي يفتقر إلى أي رؤية حقوقية. ويضرب مثالاً برئيس المؤسسة السابق علي أحمد الدرازي، وهو مهندس معماري لا صلة له بالعمل الحقوقي، وكذلك الدكتور مال الله جعفر الحمادي الذي بدأ مسيرته في السلك العسكري قبل الانتقال إلى المجال الأكاديمي، ما يثير تساؤلات حول مدى صلة هذه الخلفيات بمسؤوليات الدفاع عن حقوق الإنسان.
ويشير فتيل إلى أن غالبية الأعضاء الجدد بلا سجل مهني معلن أو خبرة حقوقية واضحة، ما يثير الشكوك حول جدية المجلس وقدرته على القيام بمهامه، مضيفًا أن المؤسسة لم تُظهر منذ إنشائها سوى تبنٍّ لرواية الحكومة الرسمية، وهو ما دفع منظمات دولية كـ هيومن رايتس ووتش و العفو الدولية إلى انتقادها بشكل متكرر، واعتبارها أداة لتلميع صورة النظام أكثر من كونها آلية رقابية مستقلة.
تكشف المواقف الحقوقية أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين تواجه أزمة ثقة عميقة تتعلق ببنيتها وآلية عملها. فبينما يرى المحافظة أن إصلاحها يتطلب إعادة هيكلتها على أسس مهنية مستقلة، يعتبر فتيل أنها تحولت إلى منبر رسمي لتأييد السلطة.
وفي ضوء استمرار الانتقادات الدولية، يبقى التحدي الأساسي أمام المؤسسة هو قدرتها على كسر قيود التبعية الرسمية والتحول إلى كيان وطني مستقل يعكس أولويات حماية الإنسان لا اعتبارات السلطة السياسية.
- 2025-08-31البحرينيون في المنفى يودّعون السيد هاشم العلوي.. ضحية جديدة للتهجير القسري
- 2025-08-26علي الحاجي: حرمان زوجات السجناء السياسيين من السكن يُشكل عقوبة جماعية
- 2025-08-20سفير سوري: جوازات بحرينية مزورة في جاكرتا من دمشق
- 2025-08-04سلام و”منتدى البحرين”: تقرير يوثق تصعيدًا ممنهجًا للانتهاكات الدينية خلال عاشوراء 2025 في البحرين
- 2025-08-04مجالس المحرق تعود لانتقاد السلطة: التطبيع هو أسوأ ما فعلتم تجاه القضية الفلسطينية