»

سفير "إسرائيل" الجديد في البحرين..أي خطورة يحمل؟

عباس الجمري - 2025-09-01 - 9:47 م

مرآة البحرين : تسلّم وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني يوم الخميس 28 أغسطس، نسخة من أوراق اعتماد سفير "إسرائيل" الجديد لدى البحرين شموئيل ريفيل، بعد فترة انقطاع دبلوماسي على إثر انتهاء فترة السفير السابق نائيه، والتي تزامنت مع أحداث طوفان الأقصى.

لمعرفة شموئيل ريفيل، نحتاج أن نقرأ كتابه "قطر وإسرائيل ملف العلاقات السرية"، إذ كان ريفيل منغمساً أيما انغماس في هندسة تلك العلاقات في أيام كانت سخونة الشارع العربي لاتقل عن سخونة شمسه، وحكام العرب على الرغم من قدم قابليتهم للخيانة ألا أن وجوههم-حينذاك- مشوية بالحياء من تلك السخونة العربية التي بدأت في الانخفاض التدريجي للأسف.
كتب ريفيل عن مخاضات العلاقة مع قطر، ومن خلالها تعرف العقلية الإسرائيلية في دراسة التدرج الدراماتيكي للعقلية العربية، وشغل السفير الإسرائيل الحالي منصب مدير المصالح الإسرائيلية في قطر ما بين عامي 1996 و 1999، وما قبل هذه الفترة وما بعدها، يوضح ريفيل التحديات الجمة التي تواجهها إسرائيل في تقديم نفسها لمنطقة تبدو فيها منبوذة وقتذاك.

الطريقة التي تحكم عقلية ريفيل هي الدبلوماسية الناعمة في صعود إسرائيل على أكتاف من استطاعت أن تصعد على أكتافه، أياً كان، وهذه الدبلوماسية الخبيثة تمثلها بعض التوجهات السياسية في تل أبيب كسلاح مواز لسلاح العسكر والأمن، لضمان التقام كل الفرص الممكنة في تجذير مكانة الدولة العبرية المفترضة في الوعي الجمعي للمنطقة.
وقد ترجم ريفيل هذه العقلية في ذكره لقصة حدثت مع زوجته في بداية إقامتهم في قطر، ملخصها أنه دار حديث بين سيدة عربية وزوجته في محيط بركة سباحة أحد فنادق الدوحة، حيث سألت السيدة العربية زوجته عن دولتها، فترددت الزوجة في بداية الأمر، لكن الأمر سار على مايرام وبعدها صارتا صديقتان وعرفت السيدة العربية -بحسب ريفيل- أن الإسرائيليين ليسوا بشعين وأن لهم وجه لطيف وتعامل حسن مع الغير، هذه القصة هي ملطف للمعاني السياسية التي جاءت في طول الكتاب وعرضه، إذ سرد الكثير من الحقائق المهمة التي من خلالها فهم العيون الإسرائيلية تجاه الخليج، وسرد أيضاً أن ثمة جولات سرية وأخرى علنية في توطيد العلاقة مع الدولة الخليجية على الأقل من الجهة الاقتصادية.

هذا الدبلوماسي والكاتب تدرج في المناصب السياسية وهو الدارس للفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع بدرجة ماجستير ، حيث تبوأ منصب السفير في قبرص ما بين عامي 2017 و 2021 ، وحالياً سفيراً في البحرين، وبذلك فهو السفير الثاني للكيان الصهيوني في المنامة منذ توقيع اتفاقية التطبيع في عام 2021.

إذاً علينا فهم الصورة الشاملة من وجود هذا الدبلوماسي في البلاد، مع معطيات مهمة ينبغي استحضارها: قاعدة الأسطول الخامس الأمريكي، والذي يدعم الكيان لوجستيا واستخباراتياً، وشراء المنامة مؤخراً صواريخ دفاعية متطورة من الولايات المتحدة ، يعزوا أغلب المحللين أنها استعداداً لأي حرب قادمة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. هذه المعطيات ينبغي وضعها في سياق تنصيب ريفيل سفيرا للكيان المحتل في البحرين.

الصورة الشاملة تستدعي منا أن نفهم كيف ينظر هذا الدبلوماسي الناعم إلى ثلاثية (الخليج-إسرائيل-إيران)، إذ يضع الترتيب الآنف في ترجمة الحراك الدبلوماسي، بمعنى أن تكون إسرائيل بين الخليج وإيران كعقبة مقنعة ومعوضة في كل المناحي للخليجيين، وهذا الأمر بحسب عقلية ريفيل تحتاج إلى الكثير من الجهد السياسي والاقتصادي الوازن ليكون الجانب العسكري والأمني لهم معنىً حقيقي ومنتج.

لذلك فهو أخطر من سابقه، ومن المتوقع أن يقوم بعمل كثير في البحرين من أجل الترويج لإسرائيل القوية والمقتدرة، في ظل تسليم رسمي من قبل السلطة إلى الإملاءات الأمريكية في المنطقة، فهل يتحسب البحرينيون من هذا الرجل؟