فقر بلا ضجيج: حين يُدار الفقر كأداة لضبط المجتمع

2025-08-28 - 1:05 ص

مرآة البحرين : في البحرين، لا يُقاس الفقر فقط بمعدلات الدخل المنخفض أو بندرة فرص العمل، بل يُصنع ويُدار كأداة بيد السلطة، ضمن مشروع أشمل لإخضاع المجتمع، وضمان الطاعة، وكسر أي إمكانيات للاعتراض أو الاستقلال عن الدولة.
إنه فقرٌ مبرمج، صامت، ومقصود. فقر يدار مثل البيدق السياسي لدى السلطة لا تراه في نشرات الأخبار، ولا تسمع عنه في مجلس النواب، ولا مجلس الوزراء ، لكنه يسكن المنازل، ويكتم الأصوات.

أولًا: الفقر كوسيلة تحكم لا كأزمة اقتصادية

الفقر في البحرين لا يُعامل كأزمة يجب حلّها، بل كحالة يجب إبقاؤها تحت السيطرة:
   •- الفقراء لا يُسمَعون، بل يُراقَبون.
   •- المحتاجون لا يُساعدون لينتفضوا، بل يُسكتون لكي لا يتكلموا.

كيف؟ عبر ربط أرزاق الناس بالولاء:
   •- وظيفة حكومية؟ "أثبت ولاءك"
   • - بعثة دراسية؟ "قدّم نفسك سياسيًا ..
   •- بيت إسكان؟ اصمت، ولا تكتب، ولا تُشارك"

أصبح المواطن رهينة خيارات الدولة، وكل من يُظهر معارضة يُعاقب بالصمت الاقتصادي.

ثانيًا: التضليل الإعلامي والتنمية الزائفة

تُنتج الحكومة سردية مضادة للفقر، تُظهرها أمام العالم كدولة رفاه، بينما الواقع مختلف تمامًا.
   •- مشاريع الواجهة، مثل الشقق الفاخرة والمنتجعات لا يستفيد منها المواطن، بل تُعرض في الإعلام كدليل نجاح.
   •- تُخفى الإحصاءات الحقيقية، وتُمارس تلاعبات لغوية، مثل وصف العاطلين بأنهم "باحثون عن عمل"، والفقراء بأنهم مستفيدون اجتماعيًا..

وهكذا، يُعاد تعريف الفقر نفسه بلغة تُخدر الوعي.

ثالثًا: صمت النواب، وشلل مؤسسات الرقابة

في دولة تدّعي وجود برلمان يغيب الحديث عن الفقر الحقيقي.
   1- لم يُفتح تحقيق علني في توزيع الثروة. ولا الأموال التي تختفي بالملايين من الميزانية السنوية
   2- لا يُسمع صوت لنواب يسائلون الوزراء عن حجم الأراضي الممنوحة لكبار المسؤولين مقارنةً بالمحتاجين.
   3- تُمرر الميزانيات السنوية دون محاسبة أو شفافية، ويُسجن من يرفع صوته مطالبًا بتوزيع عادل).

البرلمان هنا ديكور، والصمت جزء من وظيفة النائب

رابعًا: لماذا لا يتحول الفقر إلى ثورة مستمرة؟

الجواب: لأن السلطة تدير الفقر وتدير الخوف معًا.
   1- المواطن الفقير مراقب، مكشوف رقميًا، مُهدد في عمله وسكنه وعائلته.
   2- كل محاولة للتنظيم الاجتماعي تُقمع، وكل صوت يُطالب بالعدالة يُعتقل.
   3- حتى الجمعيات الخيرية تُراقَب، ويُشترط ولاؤها لتُصرّح بالعمل، ومراقبة في الفلس الواحد.

هنا، الفقر ليس مجرد حالةإنه سياسة. انه فن إدارة الوجع.