مملكة الفوتوشوب: مشاريع الحكومة من شاشة العرض إلى ثلاجة الأرشيف

2025-08-25 - 9:14 م

مرآة البحرين : في البحرين، لا تحتاج لبناء مشروع حتى تفتتحه، ولا لإنجازه حتى تقطع شريطه الأحمر. كل ما تحتاجه: كاميرا، شاشة LED عملاقة، وزير يعرف يبتسم، وشريحة باوربوينت فاخرة مكتوب فيها (مشروع وطني رائد) وبعدها؟ دع المواطن ينتظر التمكين والرؤية حتى إشعار آخر.


مشروع على ورق.. مواطن في الطابور
مترو البحرين : مشروع تنقل ذكي بلا عربة واحدة، يُعلن عنه كل ثلاث سنوات تقريبًا، وكأننا في مهرجان فني، مع تغيير بسيط في الشعارات: مرة تحت مسمى الربط الخليجي، وأخرى بعنوان التطوير الحضري ، ومؤخرًا تحت شعار الشراكة مع القطاع الخاص، لكن الحقيقة أن الشراكة الوحيدة فيه كانت مع الأمل الكاذب.
المترو هذا بالذات صار مثل صديق الطفولة الذي تسمع عنه كل عيد وما تراه أبدًا.


مارينا ويست.. المدينة الفاضلة التي فاضت علينا نكبات
في عام 2007، أعلنت الحكومة مشروع مارينا ويست، مدينة سكنية فاخرة بـ700 مليون دولار. فرضية المشروع هي أنك تشتري شقة سكنية فاخرة وتنام على وقع صوت أمواج البحر، لكن الواقع أن البحر وحده هو اللي ابتلع أحلام الناس. المشروع اختفى مثل طائر الفينيق، وترك خلفه مستثمرين متورطين، ومواطنين موهوبين في فن التقاضي العقيم!


مشاريع البحرين: حبر على رخام
سؤال بسيط: هل فكر أحد المسؤولين أن يقف أمام الناس ويقول: "أخطأنا" ؟ أبدًا.
في البحرين، من يفشل لا يُحاسب، بل يُعاد تدويره في منصب جديد: وزير التخطيط يتحول إلى مستشار، والمستشار يصير رئيس لجنة، واللجنة تُصدر تقريرًا تقول فيه المشروع قيد الدراسة منذ 15 عامًا.

أمّا الجزر الاصطناعية، فحدّث ولا حرج. يُطمر البحر ويُعرض في معارض العقار العالمية، ويُباع لمستثمرين غرباء، أما المواطن فيُقال له: انتظر بيتك في الدفعة القادمة ، وكأن الإسكان برنامج يانصيب.


حكومة الغد التي لا تأتي
من كثرة المشاريع التي لا تُنفذ، صار المواطن البحريني يشك إذا رأى حفّارة في الشارع:
   • - هل هذا حفر حقيقي أم بروفة إعلامية؟
   • - هل هذه بداية مشروع، أم نهاية ميزانية؟

أصبحت التنمية مصطلحًا تجميليًا، مثل عمليات البوتوكس: تُغطي التجاعيد السياسية ولا تُعالجها.
أما البرلمان؟ نعم، شارك بالتصفيق

لا أحد يسأل: من وقع العقد؟ من دفع؟ من تسلّم؟ الإعلام الرسمي لا يرى، والبرلمان لا يسمع، والجهات الرقابية في إجازة سنوية دائمة.

من يُسائل السلطة عن مشاريع لم تُنجز؟ من يقول إن جسر قطر كان خدعة جماعية؟ من يعترف أن مارينا ويست لم تكن مشروعًا بل طُعمًا إعلاميًا؟


الحل؟ أول خطوة: نُطفئ الكاميرا
نحتاج إلى حكومة تُنجز أولًا ثم تُعلن، لا حكومة تُعلن ثم تُنكر.
نحتاج إلى إعلام يسأل، لا إلى إعلام تصفيق.
نحتاج إلى وطن يُبنى بالمواطن، لا يُباع باسمه.

أما المشاريع الوهمية، فهي ليست مجرد إخفاقات، بل أعراض لمرضٍ أعمق: نظام يعتقد أن الصورة تكفي عن المضمون، وأن التنمية شعارات، لا حياة.

وللأسف، في البحرين، كل شيء يُبنى: الأبراج، الجزر، وحتى الأوهام، ما عدا الإنسان.