البحرين أمام مشروع "إسرائيل الكبرى": اعمل نفسك ميّت

2025-08-25 - 1:29 ص
مرآة البحرين : لم يصدر عن وزارة الخارجية البحرينية أيّ تعليق أو بيان، ولو أوليّ، يُدين أو يتوقّف عند مشروع "إسرائيل الكبرى" الذي تحدّث عنه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو صراحةً.
على الرغم من أن "إسرائيل الكبرى" التي يرفعها نتنياهو تشمل كامل فلسطين التاريخية ولبنان والأردن، و70 % من سوريا، ونصف مساحة العراق، ونحو ثلث الأراضي السعودية، وربع مساحة مصر، وجزء من الكويت، التزمت المنامة الصمت. وحتى لا تكون مُحرجة تمامًا، ذهبت إ
لى تصرّف يرفع العتب عنها، كما تظنّ، ووقعّت على بيان مشترك لوزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية يندّد بتصريحات نتنياهو.
أقلّ ما يُقال عن أداء البحرين حيال خطة نتنياهو المُعلنة أنه سقوط مدّوٍ للسياسة الخارجية، فهي قرّرت أن تُطبّق شعار "اعمل نفسك ميّت"!
طبعًا كان باستطاعة البحرين أن تسلك طريقًا آخر، خاصة أن الشقيقة الكبرى السعودية أصدرت بيانًا عاليَ النبرة رفضت فيه بشدّة الأفكار والمشاريع الاستيطانية والتوسعية التي تتبناها سلطات الاحتلال، كما جاء في بيانها، مؤكدةً الحق التاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني، وحذّرت كذلك من "إمعان الاحتلال "الإسرائيلي" في الانتهاكات الصارخة التي تقوّض أُسس الشرعية الدولية، وتعتدي بشكل سافر على سيادة الدول، وتهدد الأمن والسلم إقليميًا وعالميًا".
الإمارات وقطر وسلطنة عُمان والكويت أيضًا أدانت مشروع "إسرائيل الكبرى"، غير أن البحرين نأت بنفسها عن كلّ هذا الإجماع الخليجي (حتى كتابة التقرير).
الكلّ يعرف أن البحرين ليست من الدول التي تستطيع الضغط على العدو، ولا تأثير لها عليه. لكن هل كانت بمقدورها التصرّف غير الصمت؟ بالتأكيد الإجابة ستكون نعم، خاصة أنها اعتادت أن تخرج بين الحين والآخر لتؤكد تمسّكها بـ"السلام" والتزامها بالقضية الفلسطينية.
صمتٌ لا يمكن فصله عن سياق التطبيع الرسمي والعلاقات المفتوحة مع "إسرائيل" منذ اتفاقات "أبراهام". صمتٌ يُترجم بوضوح أولويات المنامة اليوم: الحفاظ على مسار التطبيع مهما كانت الاستفزازات "الإسرائيلية"، حتى لو وصل الأمر إلى مشروع توسّعي يهدّد دولًا عربية وخليجية مُجاورة.
الصمت البحريني لا يُقرأ فقط كتخلٍٍّ عن "واجب التضامن العربي"، بل يؤكد انفصام الدولة في السياسة الخارجية أيضًا: حين يتعلّق الأمر بالاستعراض الدبلوماسي أو توقيع صفقات التسليح بمئات الملايين، تُسارع المنامة إلى إبراز حضورها، أمّا عندما يتعلّق الأمر بتهديد مباشر لكيان الدول العربية وحقوق الشعب الفلسطيني، يغيب صوتها تمامًا.
والأهمّ من كلّ هذا، الرأي العام البحريني ثابتٌ على تعاطفه التاريخي والمبدأي مع القضية الفلسطينية، غير أن نظام آل خليفة همّش ذلك عن قصدٍ ودِراية، فكيف يمكن تفسير أن الحكومة صارت أكثر حرصًا على مشاعر نتنياهو من حرصها على مشاعر مواطنيها؟