حين تصبح الوزارات مزارع نفوذ: من يدير الوزارات فعليًا؟

2025-08-24 - 1:11 ص
مرآة البحرين: في الدول التي تعاني من اختطاف مؤسسات الدولة وتغوّل السلطة، تتحول الوزارات من مؤسسات خدمية يفترض أن تعمل لصالح المواطنين، إلى مزارع نفوذ تُدار بمنطق الولاءات لا الكفاءات، وبحسب ميزان المحسوبيات لا حاجات المجتمع.
الوزارات: من مؤسسات دولة إلى حصص نفوذ
في الحالة البحرينية، أصبحت الوزارات موزعة بطريقة لا تعكس كفاءة أو مصلحة وطنية، بل تخدم توازنات سياسية داخلية تقوم على:
1- المحاصصة الطائفية المغلّفة تحت شعارات التمثيل المتوازن، ولكنها في الحقيقة تعزز الإقصاء الطائفي.
2- التحالفات العائلية والقرابة من الديوان الملكي أو الأجهزة الأمنية، حيث يُمنح القرار الإداري لمن يمتلك الولاء لا المشروع.
3- شخصنة المواقع، حيث يظل الوزير أو المسؤول يدير الوزارة كمُلك خاص، يَزرع فيها المقربين، ويُقصي من يهدد نفوذه.
العلاقات بدل الكفاءات
المعيار الأهم في إدارة الوزارات اليوم هو من تعرف لا ماذا تعرف. فالعلاقات الشخصية والمحسوبيات باتت:
1- معيارًا للترقيات والتعيينات.
2- وسيلة لحماية الفاسدين وتهميش المستقلين.
3- بابًا خلفيًا لتوزيع الثروة عبر العقود والمشاريع.
حتى التوظيف أصبح مرتهنًا للمكاتب التابعة لشخصيات متنفذة، يتم عبرها شراء الولاء لا توظيف المواطن.
تهميش الموظف البحريني واستبداله بالأجنبي
إحدى نتائج هذا التمكين القائم على النفوذ، هو تهميش الكفاءات البحرينية المستقلة واستبدالها بـ :
1- أجانب موالين إداريًا، ولا يحملون حسًا وطنيًا، يتم استقدامهم لتجميل الصورة وملء الفراغ الإداري.
2- أو بمواطنين موالين أمنيًا يُقدّمون على أساس الولاء للسلطة لا الخبرة أو الكفاءة.
نتائج هذه الإدارة الكارثية
1. تراجع مستوى الخدمات العامة، فرأس الوزارة لا يعبر عن مطالب الناس، بل عن مطالب من عيّنه.
2. فشل السياسات العامة بسبب انعدام الرؤية المؤسسية.
3. تعميق الإحباط المجتمعي، إذ يرى المواطن أن المؤسسات لا تعبر عنه، ولا تعمل من أجله.
من يدير الوزارات فعليًا؟
الجواب الصادم هو: النفوذ الخفي. في كثير من الوزارات، القرار لا يصدر من الوزير نفسه، بل من:
1- مكاتب داخل الديوان الملكي.
2- شخصيات عسكرية وأمنية تتحكم في ملفات غير أمنية بالمطلق.
3- رجال أعمال نافذين يمارسون تأثيرًا عبر الصفقات والعقود والضغط الاقتصادي.
هل هناك مخرج؟
نعم، لكن الحل يبدأ من:
1- تفعيل مبدأ الشفافية: الإعلان عن مؤهلات كل مسؤول، وآلية تعيينه.
2- إصلاح هيكلي جذري ينقل الإدارة من يد الموالين إلى يد المؤهلين.
3- إلغاء المحاصصة والطائفية التي تحوّل الدولة إلى "شركة مساهمة طائفية" بدلًا من كونها مؤسسات وطنية.
تحويل الوزارات إلى مزارع نفوذ يعني أن المواطن يُدار لا أن يُخدم، وأن الكفاءة تُحارب ولا تُشجّع، وأن مشروع الدولة يتحوّل إلى مشروع سلطة. فإلى متى نبقى تحت هذا النمط؟ وهل يمكن بناء وطن بمؤسسات تُدار كالغنائم؟