المجتمع المدني في البحرين دُمية على كرسي الاعتراف

2025-08-23 - 6:18 م
مرآة البحرين : في البحرين، المجتمع المدني يشبه الديكور التركي في بيوت الطبقة الوسطى، يلمع من بعيد، لكنه لا يُستخدم، ولا أحد يجرؤ على لمسه، فهو فقط للزينة. السلطة تضعه في الواجهة كما توضع الورود البلاستيكية في الفنادق الفاخرة،
لا رائحة، لا حياة، ولا فائدة ، فقط صورة جميلة تُرسل للخارج عبر فاكس وزارة الخارجية كلما جاء تقرير دولي مزعج.
المواطن الفاعل مشروع أمني
في هذا البلد، لا يُسمح لك أن تكون فاعلًا إلا إذا كنت فاعل خير لصالح النظام. أما إن قررت أن تكتب، أو تنظم حملة، أو حتى توزّع ماء في موسم عاشوراء فمبروك! لقد رُقّيت إلى رتبة تهديد وطني!
إذا نشرت رأيًا ناقدًا؟ فأنت خطر على النسيج الاجتماعي ، إذا تجرأت على المطالبة بحق، فأنت تسعى لـ"تقويض الأمن القومي" ، وإذا استشهدت بدستور البلاد نفسه، فاستعد لتهمة "التخابر مع المواد القانونية".
المجتمع المدني حسب الطلب
في البحرين، المجتمع المدني يُشبه الموظف الاحتياطي في المسرحيات المدرسية: يظهر في الصورة الجماعية، ثم يُطلب منه الجلوس في الكواليس إذا بدأ الكلام عن أي شيء حساس، المطلوب من هذا المجتمع أن يُصفق، أن يبتسم، أن يشكر، وأن يحضر مؤتمرات التسامح مرتديًا الثوب الوطني، ومرددًا كلمات مثل التعايش و التنوع، بينما يُمنع منعا باتًا من أن يُعبّر عن واقع مجتمعه، أو أن يشتكي من ضيق الحريات حتى لو اختنق.
قوانين تشبه الأبواب الدوّارة
لدينا قوانين للجمعيات، وقوانين للانتخابات، وقوانين للأنشطة، لكنّها كلها تعمل بنفس المبدأ: تدخل من الباب وأنت مواطن، وتخرج من الباب الآخر وأنت متهَم، أو في أحسن الحالات: محظور ومحجوب ومنسي.
1- قانون العزل السياسي مثلاً، لا يعزلك عن العمل فقط، بل يعزلك عن الحلم!
2- قانون الجمعيات، يجعلك تحتاج تصريحًا إذا أردت أن تعقد اجتماعًا عن فوائد القراءة!
3- وقانون حسن السيرة، أداة عبقرية للتمييز بين المواطنين المناسبين والمواطنين المزعجين.
جمعيات الواي فاي
بعض الجمعيات تُشبه شبكات الواي فاي في المقاهي: تظهر لك في القائمة، لكن تحتاج إلى كلمة سر لا يعرفها إلا الضباط، وإن طلبت الانضمام يأتيك الرد: غير متوفّر حاليًا، حاول لاحقًا أو لا تحاول أبدًا.
رسائلنا إلى العالم من دون طابع
بينما تُمنع حتى المجالس الحسينية من مناقشة مواضيع سياسية أو اجتماعية، نجد الدولة تُرسل وفودًا إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، يتحدثون عن المجتمع المدني النشط في البحرين.
نشط؟ نعم، في النوم الإجباري.
موجود؟ نعم، على الورق وفي صور تويتر الرسمية.
مؤثر؟ فقط في المناسبات الوطنية عند قص الشريط.
المجتمع المدني في البحرين يُعامل كما يُعامل الميت في الروايات الشعبية: يُغسّل، ويُكفّن، ويُصلى عليه، ثم يُدفن بصمت مع التوصية بعدم فتح القبر إلا بإذن رسمي.
فلا تسألوا عن جمعيات مغيّبة، أو أصوات مصادرة، أو مشاريع ميتة، لأن الجواب معروف: كل شيء على ما يرام فقط لا تفتحوا النوافذ.