سقف حرية التعبير في البحرين لم يكن إلّا منخفضًا..

2025-08-20 - 9:27 م

مرآة البحرين : "سقف حرية التعبير لدينا لم يكن يومًا منخفضًا، بل وُلد عاليًا، وعلينا أن نحرص على أن يبقى كذلك، وأن نعمل على رفعه بالحكمة، لا بالتحدي، وبالمسؤولية لا بالتهور"، الكلام لعبد النبي الشعلة في صحيفة البلاد.

لوهلةٍ نظنّ أننا نقرأ سطورًا تمدح تجربة إحدى الدولة الأوروبية في حجم حرية التعبير على أراضيها. الشعلة يُعنون مقالته في الأصل بـ "نعم.. منذ البداية كان سقف حرية التعبير عاليًا". بمعزلٍ عن التقديم والذكريات التي يسردها قبيل هذه النتيجة التي وصل إليها، لا يمكن المرور على المقال وكأنه مقال جدّي وحقيقي.

على قاعدة "اشهد لي عند الأمير"، يكتب ويكتب الشعلة لغرضٍ وهدف واحد تلميع صورة النظام الحاكم في البحرين أكان مُستعمرًا بريطانيًا، أم قبيلة استوطنت البحرين وأضحت نظامًا يُمسك بكلّ شيء.

إذا أردنا فعلًا أن نسير بدعاية عبد النبي الشعلة، لا بدّ أن نسأل كيف أن سقف حرية التعبير لدى البحرينيين لم يكن منخفضًا يومًا؟ ولماذا يصرّ الشعلة وأشباهه من الأقلام المُرتهنة للسلطة على نفي ما يُدين الحُكم وسياساته وأفعاله دائمًا؟

الشعلة ليس فاقدًا للوعي أو الذاكرة، يعرف أن الصوت الآخر محجوب في البحرين بقانون عملت الدولة حثيثًا كي تصدره وتطبّقه، ويدرك أيضًا أن حرية التعبير في المملكة تكاد تكون معدومة، لكنّه يكمل في أداء شاهد الزور.

أصبح واضحًا للعيان أن التعبير عن الرأي في البحرين بما يُخالف توجهات الدولة والحكومة يقود إلى السجن، ولعلّ من أبرز مظاهر هذا التقييد هي:

* القوانين القابلة للتأويل التي تُستخدم ضد حرية التعبير.
* الاعتقالات والتعذيب ووسائل القمع الجسديً والنفسيً.
* غياب الإعلام والصحف المستقلة.

هذا المشهد طبعًا لا يحصل بلا تشريعات تُقفل أيّ باب للتعبير عن الرأي بكلّ حرية وراحة، وهذا يتحقّق عبر:

* الدستور البحريني: المواد 23-26 تنص على حرية الرأي والصحافة، لكنها تضيف قيودًا واسعة مثل "عدم مخالفة أسس العقيدة الإسلامية" و"عدم المساس بوحدة الشعب". وهي صياغات فضفاضة تسمح للسلطات بتأويلها لمعاقبة أيّ انتقاد سياسي أو اجتماعي.
* قانون العقوبات البحريني 1976: يجرّم "إهانة الملك" أو "إهانة مؤسسات الدولة" أو "إهانة الدول الصديقة".
* قانون الصحافة والطباعة والنشر 2002: يحظر نشر أي مادة تعتبرها الحكومة مهددة للأمن أو منافية لـ"القيم" أو "النظام العام".
* قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية 2014: يستخدم لملاحقة المغردين والمدونين على وسائل التواصل الاجتماعي.

مشهد حرية التعبير عن الرأي في البحرين مخزٍ بصدق. ولذلك على من يريد التطرّق إليه أن يدعو لإصلاح شامل وتغيير جوهري في ما هو مفروض بقوّة القوانين والآلة الأمنية، وإمّا فليصمت إلى الأبد.