قراءة في رؤية إبراهيم شريف للمخاطر المحدقة بالبحرين

عباس الجمري - 2025-08-07 - 8:49 م
مرآة البحرين : ثمة فوضى سياسية ترسملها السلطة في الاقتصاد وتؤسس حالة من اللا أفق للبلاد، وهذا ما تأكد في أكثر من عنوان من عناوين الفعل السياسي الذي تقوم به السلطة، وما شرحه الأستاذ إبراهيم شريف في المقابلة التي أجرتها "مرآة البحرين" في 31 يوليو الماضي يوضح تلك التخوم التي تشرف على خطورة الوضع.
البلاد ليست بخير أبداً، وثمة شواهد على ذلك، بل وهناك تراكماً مخيفاً للأخطاء والفشل، وهذه المراكمة ترسم مسارات تبعدنا عن مسار الرجعة شيئاً فشيئاً، وهذا المفهوم له مصاديق عديدة، منها:
المصداق الأول: كيفية اتخاذ القرارات:
النموذج في اتخاذ القرارات هو أحد مواطن دراسة العلوم السياسية لطبيعة أي نظام، وإذا احتكرت صناعة القرارات الكبرى للبلاد (بيد قلة قليلة خارج رقابة الشعب ومجلس النواب، وحتى دون استشارة قطاع الأعمال أو خبراء الاقتصاد)، فإن ذلك يعني أننا في عين عاصفة مريعة، خصوصا أن أغلب تلك القرارات بحسب ما يقول شريف: (تأتي مخالفة لأحد ركائز "رؤية 2030" وهي الاستدامة) ، أي مخالفة لنوع من سياسات الدولة نفسها التي تمهرها بلون الاستراتيجية، فإذا كانت الممارسة تكسر وجه استراتيجية الدولة، فما هي معاذير الفشل المتصور الذي سينتج عنه؟
المصداق الثاني: الدين العام:
الدين العام هو أحد المصاديق المهمة من مراكمة الفشل، وهو خطأ يتفاقم عاماً بعد آخر، ولم يتم معالجته بطريقة واضحة، كما حدث في دولة خليجية تشبه في ظروفها ظروف البحرين، وهي سلطنة عُمان، حيث استطاعت السلطنة من تقليص حجم دينها العام من 68% إلى 36% من حجم ناتجها المحلي، بينما تضاعف دين البحرين أضعافاً، حتى وصلنا إلى تصنيف البحرين الثالثة عربياً من حيث ارتفاع الدين العام بعد السودان ولبنان.
الأمر الذي يشق سؤالا: إلى متى تتيه البلاد في عدم المعالجة هذا المفصل الاقتصادي الخطير؟
المصداق الثالث: غياب الخطة الاقتصادية في المشاريع:
في تعليقه على استثمار البحرين 17 مليار في أمريكا، مما سيوفر 30 ألف وظيفة لصالح واشنطن بينما لن تنعكس الفوائد الوظيفية أو حتى الاقتصادية المباشرة على البحرين، لذلك علق شريف بالقول: "بينما لن نجني سوى الحسرة و دفع الفوائد".
وهذا الأمر يُدلل على غياب واضح للخطة الاقتصادية الناجعة التي توفر نتائج ملموسة في الداخل، سواء نتائج فاعلة على مستوى تقليص البطالة أو نتائج مباشرة على انتعاش الدورة الاقتصادية، وإعادة النظر في الضرائب التي تتزايد، تلك الكومة من المشاكل كلها تصب في مسألة واحدة، وهي نمذجة العشوائية في التصحيح، أو لربما عدم إرادة الإصلاح الاقتصادي الحقيقي، ذلك لأن الإصلاح الاقتصادي لا يأتي متجذراً وراسخاً إلا بالإصلاح السياسي الحقيقي. وهذا الغياب ينطبق على خطة بحرنة الوظائف وغيرها من المشاريع التي يضج بها الإعلام الرسمي من دون تطبيق فاعل على الأرض.
وتتعامد المخاطر التي ساقها إبراهيم شريف مع خطر التجنيس، الذي لا يزال جسيماً سرطانيا ينهش في جسد الوطن، ويأكل مما هو متاح من خيرات الوطن للناس، ورغم أن ذلك المتاح شحيح جداً ألا أن السلطة لا تحافظ على وتيرته، وهذا يؤزم الوضع بشكل أكبر، إلى درجة أن البحريني لا يعيش في مستوى معقول بحسب تصنيف موقع Numbeo.
ويمكن استخلاص خلاصة مهمة وهي أن مسوغات الحالة الصعبة التي تواجه البحرين، ليست كلها مفروضة علينا بفعل الظروف القاهرة التي يمر بها الظرف الإقليمي العام أو الظرف الاقتصادي في العالم، هناك جزء وازن من الظروف تنولد من رحم سياسة السلطة التي تؤثر على جميع الجوانب التي تعتمد عليها مؤسسات الدولة.
- 2025-08-03من يدفع الضريبة حقاً: البحرين بين التقشف للفقراء والرخاء للحيتان
- 2025-08-03تخاريف علي الصالح
- 2025-08-03هل يتبلور عند النخب الخليجية فهما مختلفاً للأمن القومي ؟
- 2025-07-29الصحافة الميتة في مملكة الخوف: حين تكتب السلطة للسلطة عن السلطة
- 2025-07-24الاستثمار أم الاستسلام: البحرين تموّل أمريكا والمواطن يقتات وعوداً