تخاريف علي الصالح

مرآة البحرين - 2025-08-03 - 4:16 م

مرآة البحرين : بالكلمة الطيبة يُريد رئيس مجلس الشورى البحريني علي بن صالح الصالح أن يدعم القضية الفلسطينية. هذا ما أعلنه في مقابلة تلفزيونية بُثّت مؤخرًا له مع قناة روسية، تحدّث فيها بثقةٍ عن كيفية أو إمكانية مُساهمة البحرين في دفْع قضية المسلمين الأولى.

صدّقَ رئيس مجلس الشورى البحريني نفسه كثيرًا عندما أجاب في المقابلة عن طُرق دولته لنقل القضية إلى عواصم القرار، وقال "نذهب إلى أمريكا وأوروبا بالكلمة الطيبة.. ادفع بالتي هي أحسن، فسياسة البحرين تقوم على أننا لا نستطيع أن نفرض وجهة نظرنا على الآخرين".

سخّف الصالح كثيرًا كلّ سنوات المقاومة بوجه الاحتلال "الإسرائيلي" ونقل المواجهة المؤثّرة مع الصهاينة إلى الصالونات وأروقة الخيانة والذلّ واتفاقيات التطبيع المُخزية. الكلمة الطيبة مع الأمريكيين والصهاينة وفق قاموس الصالح تستطيع أن تُنقذ الغزيين من كابوس العدوان المتواصل عليهم وحرب إبادتهم التي لا تنفكّ تتوقّف، هكذا حاول أن يُفهمنا.

أمام هوْل الإجابة، يُسأل الصالح: هل فعلًا يؤمن بأن الكلام اللطيف والليّن مع "الإسرائيليين"، حتى لو كانوا حلفاء اليوم بالنسبة للنظام البحريني، يأتي بنتيجة لصالح الفلسطينيين؟ هل تتجاوب "تل أبيب" مع تمنيات المنامة؟ هل تستطيع أصلًا البحرين أن تُغيّر شيئًا من مخططات الصهاينة التدميرية؟ ومنذ متى الحوار مع الصهاينة ينفع؟ ألم يتعلّم العرب من مسلسل الغدر الصهيوني المستمرّ؟ أليس من البَلَه والسذاجة والحماقة في هذا الزمن أن يُفكّر أحد على وجه الأرض بأن التخاطب العاقل مع أكبر وحش على هذا الكوكب يُفضي إلى سلام وعدل ويُعيد الحقوق والأرض؟

إضافةً إلى هذا، حِرْصُ الصالح على الظهور كالحمل الوديع لا يجعله حملًا وديعًا بالفعل. تاريخ السلطات الحاكمة مع الكلمة الطيبة ليس ناصع البياض. موقف رئيس مجلس الشورى يُدين الحُكم أكثر ممّ يغسل صورة البحرين السيّئة على صعيد حقوق الانسان وسلب الحريات الذي يتعرّض له شعبها منذ سنوات. ثمّة من يقول لماذا لم يُبادر نظام آل خلفية الذي يمثّله رئيس مجلس الشورى إلى كلمة طيبة إزاء المواطنين الذي خرجوا إلى الشوارع وعبّروا عن مطالب إصلاحية وسياسية واقتصادية؟ لماذا لا يُحرّك الحاكم الكلمة الطيبة ليُفعّل حوارًا مُنتجًا وبنّاءً مع شريحة كبيرة ووازنة من شعبه؟ لماذا لا تُطبّق السلطة قاعدة "ادفع بالتي هي أحسن" مع شعبها اليوم؟ أليس الأولى هو الداخل المتأزّم والمخنوق؟ ألا يستحقّ الداخل كلمة طيبة اليوم؟

لا نستطيع أن نفرض وجهة نظرنا على الآخرين، هكذا أدلى الصالح إذًا. طبعًا رئيس مجلس الشورى ينحدر من مدرسة النظام الذي رسّخ أصول التحكّم والاستفراد في البلد، وهو الذي يُقصي بسياساته المُتنوّعة آراء غيره، ويُحوّل الدولة إلى لون واحد، ويعزل الآخرين عن المشهد الداخلي بقوانينه المُجحفة تارةً وقضائه الظالم تارةً أخرى. لهذا، كان حريًا بالصالح ألّا يُصرّح بما صرّح به كي لا يجلب الفضيحة للسلطة، فضيحة مجلسه الصُوَري تكفي: لا دور أو تأثير في الخريطة الوطنية للبحرين ولا حتى في القرارات المصيرية للدولة. ولهذا كلّه، فليحتفظ الصالح بكلمته الطيبة لعائلته لا أبعد.