هل يتبلور عند النخب الخليجية فهما مختلفاً للأمن القومي ؟

عباس الجمري - 2025-08-03 - 12:46 ص
مرآة البحرين : خلال الأيام السابقة، وفي أكثر من برنامج سياسي مصور، اطلعت على عدد من آراء مهمة لنخب خليجية في مسألة علاقة الخليج بإيران، أمنياً واقتصادياً وسياسياً.
ففي برنامج قناة الجزيرة "محاولة للفهم" للإعلامي عثمان آي فرح، ثمة طرح لافت للأستاذ في العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الشايجي، وكذلك لرئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية جابر الحرمي حول أهمية بناء طاولة تفاهم مع الإيرانيين لمواجهة المخاطر المشتركة والتي تهم الأمن القومي المشترك.
نفس الرأي طرحه الدكتور عبدالله النفيسي قبل أيام في مقابلة لمنصة "محفوف" المعروفة، إذ أشار إلى أن بناء العلاقة مع إيران ضرورية من حيث المصلحة الخليجية بالدرجة الأولى، وأوضح في نفس المقابلة إلى نقطة أخرى مهمة وهي الأهمية المُلّحة لتقدم حكومات الخليج خطوة للأمام نحو شعوبها، وتشكيل أرضية تفاهم وانسجام للحفاظ على تماسك هذه الدول في مواجهة ما قد يطرأ عليها من مخاطر مستجدة.
هذه عينة لآراء نخبوية مهمة وتعبر عن نبض شوارعها بنسبة ما، تقول في فهمها لفكرة بناء أمن خليجي مشترك، أن من مفاصله الأساسية بناء علاقة جيدة ومتينة مع إيران كجار كبير، وهنا يتضح لدينا أن ثمة تشكل لنضج بدأ يتبلور خليجياً سببه الأحداث الدامية الأخيرة، كطوفان الأقصى وتداعياته، والحرب على إيران ومفرزاتها، والتي كشفت أن الأميركان لا يُغطون في المنطقة أحداً ما عدا الكيان الصهيوني، الذي لا يراعي أي احترام لأي قانون دولي، وغير محاسب من قبل أي هيئة دولية.
لعل قائل يقول: أن هذا النضج، سيصطدم بجدار اللامبالاة من قبل الحكومات الخليجية، وبالتالي يُقتل جنيناً، إلا أن هذه النظرة المتشائمة لا يوجد ما يدعمها من قبل الواقع، لأن الأحداث التي شكلت ذلك الفهم لم تهدأ حتى اللحظة، وهي بعصفها وهيجانها تشكل وعياً متراكماً، وبالتالي فرص قتل ذلك الوعي تعد قليله، لأنه متدفق بتدفق الأحداث من جهة، ومن جهة أخرى الحكومات الخليجية نفسها بدأت تدرك أن موازين القوى ليست كما رسمتها مخيلة ما قبل هذه الأحداث، فالمخيلة السابقة صورت أن أميركا وفية لحلفائها تمام الوفاء، وأن إسرائيل لا يمكن تدميرها، بل وأن السلام مع الكيان الصهيوني سيعزز الأمن معها، بينما لم يتحقق أي من ذلك، خصوصا في فرضية الأمن مع إسرائيل سيوفر أمناً للأطراف الموقعة معها، لأن مثال سوريا الجديدة واضح للعيان، وأن الضعف لا يجلب إلا مزيد من الغطرسة.
في محصلة الرؤية تلك؛ فإن البحرين تواجه ثلاث تحديات:
التحدي الأول العلاقة المتذبذبة مع إيران والتي ينبغي-بحسب فهم النخب الخليجية- أن ترصّن برصانة العلاقة المتينة والحقيقية، والخروج من العُقد التي بنيت بالبروبغندا الطائفية طيلة عقود.
التحدي الثاني: هو امتلاك الشجاعة في قطع العلاقة مع كيان لا يمكن أمن شره حتى مع أًصدقائه، وتصريحات نتنياهو وسموتريش في الأسابيع الأخيرة تجاه السعودية وحل الدولتين وكل ما يتعلق بأمن الخليج بشكل مباشر أو غير مباشر خير دليل.
أما التحدي الثالث وهو الأهم: هو ضرورة إعادة النظر في السياسات الداخلية، واستيعاب أن أمن الدول والحفاظ عليها إنما يأتي بالدرجة الأولى ببناء الشراكة الحقيقية مع الشعوب، وبالتالي فإن التذكير بوجود أزمة سياسية عالقة في البحرين أمرٌ لازم، في ظل تحديات جديدة تتطلب اتخاذ مواقف جديدة والتحلي بشجاعة مختلفة.