أمين الوفاق.. القضبان لا تُلغي إنسانيّته وعروبته

2025-08-02 - 12:42 ص

مرآة البحرين: مرة جديدة، يُثبت من هو وراء القضبان أنه على تماسٍ مع مظلومية غزة وكلّ المُستضعفين، أكثر من الحكام في قصورهم. هذا ما يتلمّسه من يُتابع نشاط الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان رغم سنوات الاعتقال الجائرة.

في خضمّ حرب الإبادة والتجويع التي يتعرّض لها الفلسطينيون في قطاع غزة، خرج الشيخ سلمان بيان يُحدّد فيه موقفه وموقف الجمعية ممّا يجري في غزة قائلًا "وصمة عار تُجلِّل وجه العالم بأسره وهو يتفرّج بصمت مريب على مذبحة العصر".

الشيخ سلمان أشار في بيانه إلى أن هذا العار سيظلّ يلاحق كل من سكت، أو دعم، أو برّر هذه المجازر التي ترتكب بحق شعب أعزل، لا ذنب له سوى أنه تمسّك بحقه، وأبى أن يركع للمحتل، وأضاف "إنّا على يقين راسخ أن المجد، والبقاء، والمستقبل، بإذن الله تعالى، هو لهذا الشعب الفلسطيني المظلوم، وللأحرار الصادقين الذين ناصروه، ووقفوا إلى جانبه في ميادين العزة والكرامة".

موقف يحكي ويعني الكثير لمعتقلٍ تجاوزت مدة سجنه العشرة أعوام، قادر على الإحاطة بكلّ القضايا الوطنية والعربية والقومية وحتى العالمية. بيان الشيخ سلمان يؤكد أن دعم القضية الفلسطينية لا يتطلّب جهدًا جبّارًا وليس مستحيلًا ولو كان المتحدث مسجونًا ومحاصرًا. يقول الشيخ علي من خلال بيانه إن أسوار السجن السياسي لا تضيق بفكره ونضاله السياسي، ومؤازرته العربية لشعب ما زال يعاني من إجرام مُتمادٍ ومجاعة مقصودة عن سابق تصوّر وتصميم.

في كتابه "رحلتي الطويلة إلى الحرية"، يقول الرئيس السابق لجنوب إفريقيا والمناضل السياسي نيلسون مانديلا: "يمكن لسجّاني أن يحبس جسدي، لكن لا يمكنه أن يحبس عقلي". كما يقول المفكّر الإيطالي أنطونيو غرامشي "يستطيعون سجن جسدي، لكنهم لا يستطيعون أن يمنعوا أفكاري من الحركة".

لم يكن السجن يومًا قيدًا على العقل. بل هو، لكثير من الأحرار، مختبرٌ للفكرة، ومساحة تأمّل يندر أن تتوفر خارج جدرانه. من نيلسون مانديلا في زنزانته الطويلة، إلى غاندي في سجنه البريطاني، مرورًا بمئات المفكّرين العرب، ظلّ الفكر ينبض رغم القيود، بل ربّما لأنّها وُجدت.

هذا يعني أن المعتقل السياسي لا ينفصل عن قضيته، بل تتجذّر أكثر في وجدانه. فكل حرمان يُترجم إلى تصميم، وكل محاولة تكميم تخلق خطابًا أصفى. من هنا يمكن أن نفهم كيف أن الشيخ علي سلمان وهو في السجن يستطيع أن يتأثّر بكلّ مظلومية في الخارج واضطهاد وقهر، فكيف إذا كانت فلسطين وحرب الإبادة في غزة.

يُبرهن الشيخ علي سلمان عبر تواتر وتكرار مواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني، وكذلك مؤيّدوه وأنصاره، ورفاقه وأصدقاؤه من مختلف التيارات الوطنية في البحرين، أن الوقوف إلى جانب الحقّ لا يحتاج لأن تكون في السلطة أو تتخذ قرارات كبيرة. الشيخ سلمان مُخلص لقضية المسلمين الأولى، ولا يتأثّر بتحالف الحكّام في وطنه مع المحتل والصهاينة مهما بلغت المصاعب وطالت مدّة محكوميته. مساندة غزة في العقل البحريني الشعبي بائنة في أداء الشيخ علي سلمان عندما كان خارج السجن وحتى حين أصبح معتقلًا محكومًا بالمؤبّد، أمّا الدولة فتُكمل مسلسل انغماسها في حضن القاتل بلا أيّ خجل أو رادع ديني وأخلاقي وعربي.