الصحافة الميتة في مملكة الخوف: حين تكتب السلطة للسلطة عن السلطة

محمد البناء - 2025-07-29 - 11:26 ص
مرآة البحرين: في مملكة تُمارس فيها الرقابة على النفس قبل الورق، تتحول الصحافة من سلطة رابعة إلى أداة رابعة في يد السلطة.
الصحف البحرينية لم تعد تُطبع لأجل الحقيقة، بل لتُوزع في مكاتب الوزراء، ويُؤشر عليها بالأحمر حيثما خرجت عن النص:
1- كل صحيفة بحرينية يومية هي ناطقة باسم السلطة السياسية ، لا الشعب.
2- وكل رئيس تحرير يكتب بقلم خائف، لا بعقل ناقد بعقل ماذا تريد السلطة
3- وكل منبر إعلامي مرخّص، هو محكمة مسبقة ضد صوت المواطن.
هل رأيت صحافة بلا أخبار عاجلة؟
في بلدٍ تُمنع فيه صلاة الجمعة، ويُسجن فيه الأطفال، وتُسحب الجنسيات، وتُحاكم الأرواح قبل الأجساد، يبدو العنوان الأول في الصحف:
افتتاح مهرجان الربيع بمشاركة فنانة لبنانية.
أي ربيع هذا؟
أي كرامة؟
أي وطن يُباع على الصفحة الأولى مقابل إعلان تجاري؟
الصحافة في البحرين: مبنى أنيق بلا خبر
مررت ذات يوم بمبنى صحيفة كبرى، رأيته مزينًا بالأعلام والصور الرسمية، لكن داخله خاوي من الكرامة :
1- الموظفون فيه خائفون أكثر من رجال الأمن.
2- لا تحقيقات، لا فضائح تُكشف، لا ملفات فساد تُفتح.
3- يدّعون تغطية كل شيء ، والواقع أن لا أحد يُغطي الحقيقة.
الوسط ماتت فمن بقي حيًّا؟
حين أُغلقت (صحيفة الوسط) في 2017، مات آخر نفس حرّ في صحافة البحرين.
•- كانت تنشر شكاوى الناس، لا بيانات الحكومة.
•- كانت ترى الفساد وتسمّيه.
•- لكنها أُغلقت لأن الحقيقة خطر على السلطة.
اليوم، كل من يكتب مقالًا ناقدًا يحتاج إذنًا أمنيًا.
وكل من يقول (لا) يُستدعى للتحقيق.
وهكذا تُقتل الصحافة بلا رصاص، بل بالخوف.
المواطن يعرف أن الصحيفة تكذب، لكنه يقرأ !
هل تصدق أن أغلب من يقرأ الصحف البحرينية يعرف أنها تُزيّف الوعي؟
لكنّه يقرأ، ليعرف ما تُريد السلطة أن يظنه.
هو لا يبحث عن الحقيقة، بل عن نبرة الكذب.
يقرأ ليقارن بين الواقع والكاريكاتير الرسمي.
لن نكتب وفق إملاءات الوزارة
نحن نكتب لأننا نؤمن أن الكلمة سلاح، وأن الصمت خيانة.
نكتب لأن الصحافة لا تعني أن تحصي عدد جوائز الملك، بل أن تسأل:
1- أين اختفت المليارات؟
2- لماذا لا يُحاكم الجلادون؟
3- من يملك البحرين؟ ومن يسكنها؟ ومن يُقرر مصيرها؟
صحافة بلا معارضة ليست صحافة
في زمن الهزيمة، تُصبح الكتابة مقاومة.
وفي بلد يُسجن فيه الشاعر، تُصبح القصيدة سلاحًا ورسالة:
وفي وطن تُطبع صحفه بأوامر أمنية
نحن نطبع قلوبنا على الورق، ونرسلها إلى المجهول
حتى تعود الكلمة حرّة، والورقة شاهدة، والصحافة سلطة لا خادمة.
#مرآة_البحرين