الأزمة الإسكانية في البحرين: حين يتحوّل البيت إلى أداة للضبط الاجتماعي

2025-07-25 - 3:44 م

مرآة البحرين: في بلد صغير مثل مملكة البحرين، تبدو أزمة السكن وكأنها مسألة تقنية مرتبطة بضيق المساحة أو محدودية الموارد، لكن القراءة المتأنية تكشف أن البيت في البحرين ليس فقط جدارًا وسقفًا بل أداة سياسية لضبط المجتمع، وتشكيل الولاءات، وصناعة الطاعة.


1. من البيت إلى الولاء
في المجتمعات الطبيعية، يُعتبر السكن حقًا دستوريًا وإنسانيًا،لكن في البحرين، يتحول إلى:
   * وسيلة لتوزيع الامتيازات السياسية.
   * أداة لبناء شبكة من الطاعة الاجتماعية، حيث يُمنح البيت كمكافأة على (الولاء السياسي) ويُمنع عن من يطالب بـ((الحقوق)).
ومن يحصل على بيت من الحكومة يصبح مدينًا للنظام، ويُتوقع منه الصمت إن لم يكن الشكر.

2. عقيدة (التملك مقابل الطاعة)
الأزمة الإسكانية مصمّمة بحيث:
   * تستمر لسنوات طويلة، لخلق حالة من التعلق واليأس وتحمل دلالات كثيرة ورسائل متعددة.
   * تُفتح نوافذ الحل فقط لمن يدخل في شبكة الطاعة السياسية، سواء في الجمعيات الرسمية أو القنوات الأمنية.

وبهذا، يتحول الانتظار إلى وسيلة لإعادة تشكيل الشخصية السياسية للمواطن، فإما أن تطالب وإما أن تسكن ، لكن لا تجمع بين الإثنين.

3. تذويب الهوية في ضواحي مهندَسة
لا تُبنى الوحدات السكنية بمعايير الاحتياج، بل بمعايير سياسية:
   * إقصاء المناطق الشيعية من التخطيط الحضري العادل.
   * تفكيك النسيج المجتمعي التقليدي عبر نقل السكان من بيئاتهم الطبيعية إلى تجمعات سكانية مصطنعة تفتقر للروابط الاجتماعية.

هذا النوع من (الهندسة الاجتماعية) يخدم هدفًا واضحًا: تحويل المجتمع من جماعات حية متجذّرة، إلى أفراد معزولين قابلين للضبط

4. الإسكان والذاكرة الجماعية
عندما يُجبر الإنسان على مغادرة قريته أو منطقته إلى مجمع سكني بعيد، فهو لا يفقد فقط أرضه، بل يفقد:
   * جذوره الثقافية والدينية والاجتماعية.
   * تاريخه المرتبط بالمكان.

وبذلك، تصبح الأزمة الإسكانية وسيلة لقتل الذاكرة الجماعية وإعادة تشكيلها بما يناسب السلطة.

5. السكن كجبهة صراع
في النهاية، لا يمكن فصل السكن عن السياسة، لأن:
   * من لا يملك بيتًا لا يملك استقرارًا.
   * ومن لا يملك استقرارًا لا يملك مساحة للنقد أو الفعل العام.

إنها معادلة مقصودة:جعل المواطن منشغلًا في تأمين أساسيات حياته، كي لا يطالب بتغيير شروطها. وينسى أن قراره الوطني مختطف.

الأزمة الإسكانية في البحرين تكشف عن نظام سياسي يستخدم الحاجات الأساسية كأدوات لإدارة المجتمع، لا خدمته، فهي ليست مجرد أزمة إسكان، بل أزمة سيادة، وحقوق، وكرامة، وهوية.