الاستثمار أم الاستسلام: البحرين تموّل أمريكا والمواطن يقتات وعوداً

محمد البناء - 2025-07-24 - 6:53 م

مرآة البحرين : في مشهد درامي مليء بالمصافحات والبروتوكولات، أعلنت البحرين استثمارات بقيمة 17 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال زيارة ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة إلى واشنطن بتاريخ 16 يوليو 2025.
حفل توقيع ضخم، بيانات مدهشة وصفحات الجرائد تتغنى بـالإنجاز التاريخي!
لكن ما لم يُذكر في الحفل أن الاقتصاد البحريني على شفير الانكماش، وأن المواطن البحريني لا يعرف مصير راتبه بعد ستة أشهر.! وزيادة رواتب المتقاعدين في خبر كان.

الوجه الآخر للصفقة
هذه الصفقة، التي تتضمن شراء طائرات من بوينغ، محركات من جنرال إلكتريك، عقودًا رقمية مع أوراكل وسيسكو، ومشاريع نووية وملاحية واتفاقيات استراتيجية مع الحكومة الأمريكية، تُعرض بوصفها "خطوة سيادية جريئة"، لكن الحقيقة الصادمة أن هذه الاستثمارات تموّل الاقتصاد الأميركي، لا البحريني.

فبينما تُخلق 30,000 وظيفة في أمريكا حسب تصريحات رسمية، لم تُخلق وظيفة واحدة في البحرين نتيجة هذه الاتفاقيات.
فهل نحن من يدعم دولة كبرى؟ أم أننا ننتحر اقتصاديًا باسم العلاقات الدولية؟

المواطن البحريني أين هو من كل هذا؟
-المواطن الذي يذهب لوزارة الإسكان منذ 15 عامًا ولا يحصل على وحدة سكنية.
- المواطن الذي لا يستطيع علاج ابنه في مستشفى خاص بسبب الغلاء.
- المواطن الذي يتم تقليص راتبه ورفع دعم الكهرباء والماء عنه.
- المواطن الذي يعمل بوظيفتين ليغطي قسط القرض الشخصي.

هذا المواطن يُطلب منه أن يصفّق لصفقة بـ17 مليارًا لا تعنيه، لا تُشغّله، لا تُسكّنه، ولا تُعالج أسرته، فقط ترفع حجم الفواتير الآتية من الخارج.

من يقرر مصير الثروة العامة؟
في الدول الديمقراطية، قرارات بهذا الحجم تمرّ على البرلمان، تُنشر تفاصيلها، ويُحاسب من يوقعها.
أما في البحرين، فتتم في غرف مغلقة، ويُعلن عنها عبر وكالة أنباء البحرين بعد أن يتم التوقيع!
هل هذه أموال خاصة؟ أم أموال شعب كامل لا يعرف حتى تفاصيل أين ولماذا وكيف تم التصرف بها؟

أمريكا تستفيد والبحرين تتجمّل
الإدارة الأميركية، سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية، تعرف كيف تبتلع الحلفاء الصغار!
المنامة دفعت، وواشنطن رحبت، والصحف الأميركية كتبت عنا بوصفنا دولة خليجية صغيرة تمد يد المساعدة لأقوى اقتصاد في العالم، يا له من شرف تاريخي أن نكون مانحين للبيت الأبيض!

لو كنا نملك 17 مليارًا حقًا!
- كنا سنبني آلاف الوحدات السكنية للمواطنين.
- كنا سنقضي على البطالة بنسبة كبيرة.
- كنا سنطور التعليم من الأساس، بدل المدارس المتآكلة والمستشفيات المتخلفة.
- كنا سنرفع رواتب المتقاعدين، ونضمن كرامتهم.
- كنا سنؤسس صندوقًا سياديًا حقيقيًا لأجيالنا القادمة.

لكن بدلًا من ذلك، نرسلها إلى أمريكا حيث ستُستثمر هناك، وتُعطي عوائد هناك، وتخدم شعوبًا هناك.

هل نحن دولة مستقلة أم فرع تمويلي للإمبراطورية؟
الاستثمار لا يكون في بلدٍ آخر وأنت تُعاني في بلدك.
السيادة لا تُشترى بالدولار، بل تُبنى على العدالة والتنمية والشفافية والديمقراطية الحقيقية ؛
والدول التي تحترم شعوبها، لا تبيعهم بيانات رسمية وهمية، وتُهدي أموالهم تحت عنوان شراكة استراتيجية.
إنها ليست شراكة، إنها باختصار عقد إذعان موقّع تحت شعار التحالف مع الأقوى، مقابل الصمت الشعبي.

#مرآة_البحرين