السياسة.. محظور الملك الثابت

2025-07-19 - 9:43 م

مرآة البحرين : الاشتغال بالسياسة هو المحرّم الذي أكده الملك البحريني حمد بن عيسى في آخر تعديل أصدره بما يخصّ أحكام قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة.

هذا ما ورد صراحة في التعديل الذي جاء ضمن قانون رقم 24 لسنة 2025، والذي تبيّن أنه أدخل تعديليْن يحظر بموجبهما:

1- الاشتغال بالسياسة.
2- الدخول في مضاربات مالية.

يأتي هذا ليُكمل مشهد تحكّم السلطة بكامل تفاصيل البلد ولاسيّما الجمعيات ومواصفات أعضائها. السياسة هي التي تهدّد الدولة دائمًا، وبها تتوعّد المواطنين إذا ما قرّروا الانخراط في الأندية الثقافية والشبابية. يُناقض ذلك حتمًا كلّ ادعاءات الانفتاح والتعايش التي يرفعها الحكم، ويوعز وسائل إعلامه لاعتمادها كشعار ثابت لتمجيد السلطة والملك.

التعديل يعني رسالة واضحة ومحدّدة: لا مكان لأصحاب الآراء السياسية في البلد. الكلّ يجب أن يكون لونًا واحدًا، يصفّق للحاكم دائمًا، ويتحدّث عن الإيجابيات حتى لو لم يرها.

حساسية الملك من السياسة لطالما عبّر عنها في مجالسه الخاصة وأمام من يستدعيهم. "فلتبتعد عن السياسة"، يقولها ويقصدها أمام من يفكّر في أن ينسجم مع توجّه سياسي ديمقراطي لا يشكّل أيّ خطر على بُنية الدولة ومؤسساتها.

تكريس مثال المدينة النموذجية التي تخلو من المشاكل هو هدف السلطة في البحرين. تريد أن تظهر أمام الدول العظمى والرأي العام الغربي أنها بلد يحتضن خليطًا منسجمًا فيما بينه على كلّ الأصعدة.

كلّ هذا التحذير من السياسة يتناقض مع القوانين العالمية التي تنصّ صراحة على حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية، وفق ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 المادة 20 بلا أيّ حظر للعمل السياسي، أو بناءً على ما جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966، المُصادق عليه من معظم دول العالم والذي ينصّ على أن لكلّ فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك تكوين النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه، وطبعًا بلا أيّة إشارة الى موضوع السياسة.

أمّا تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات لعام 2012، فيقول بكلّ وضوح "يجب ألا تُقيد القوانين حرية الأفراد المنخرطين في جمعيات غير ربحية أو اجتماعية من ممارسة حقوقهم السياسية كمواطنين".

ما تقدّم يعني عمليًا بشكل لا لُبس فيه أنه لا يجوز فرض أيّة قيود على الأفراد المُنتمين إلى جمعيات اجتماعية أو رياضية تمنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية، بما في ذلك الترشح، أو الانخراط في العمل الحزبي، أو التعبير عن الآراء السياسية بصفاتهم الشخصية.