إلى أسرة الأدباء والكتاب البحرينية: صباح الخير!

عباس الجمري - 2025-07-16 - 6:40 م

مرآة البحرين: هل نسي أعضاء أسرة الأدباء والكتاب في البحرين مفهوم المثقف المشتبك كالتوصيف الذي أطلق على المقاوم الفلسطيني باسل الأعرج؟ وإذا نسوا سيولة هذا المفهوم فهل نسوا مفهوم المثقف العضوي كما عند انطونيو غرامشي؟

هذه ليست أسئلة ترفية كالفعاليات التي تقام على منضدة الأسرة المثقفة، ما يحدث في الإقليم من زلازل سياسية وأمنية وعسكرية وتنعكس -تلقائيا- على مجتمعاتنا، لا تصل إلى مسامع الأسرة، كأنهم في غرفة عازلة عن الصوت والصورة، وكأن المثقف العضوي والمثقف المشتبك ودور المثقف مجرد تنظيرات لا تخرج عن منطقة الكتب والندوات الفارهة، التي تعقبها بوفيهات دسمة تطحن بدسامتها كل النقاشات المهمة التي من المفترض أن ترفع عندنا وتيرة انخراط المثقف في قضاياه المصيرية.

أفهم جيداً أن الأسرة لا تريد أن تصطدم بالسلطة في البحرين بشكل مباشر، لذلك لا تتحدث في الشأن السياسي الداخلي، هذا مفهوم وربما مبرر، لكن ما هو حجم الحراك الذي فعلته في جنب الجحيم الذي يحرق الفلسطينيين مثلًا؟ وما هو موقف أسرة الأدباء والكتاب تجاه مشاريع التقسيم الوقحة لدولنا، وكم بيان صدر عن "الأسرة" في نقد العربدة الإسرائيلية في أكثر من بلد عربي وإسلامي.
في النبذة المزبورة في الموقع الرسمي للأسرة ثمة فقرة مهمة تقول: "تهدف الأسرة إلى الحثّ على الإنتاج الجيد في مجال الأدب والثقافة والفكر، وتشجيع البحوث والدراسات الأدبية والفكرية، والعناية بالتراث العربي على الصعيدين المحلي والقومي، والاتجاه بالأدب اتجاهاً يخدم المجتمع، كما تعمل على تنمية الوعي الاجتماعي، بالإضافة إلى رعاية الحركة الفكرية والعمل على ازدهارها".

هنا سؤال: ماذا يعني تنمية الوعي الاجتماعي؟

الكلام المترف في الندوات الفارهة والبوفيهات اللذيذة؟ ما هو الوعي؟ إذا لم يخدم المواقف المصيرية، أليس الوعي هو أن نتعرف على ثمن الدم الذي يسقط في بلد عربي ما وبالتالي يحتاج إلى تفسير وإلى تثمير وإلى موقف؟

شخصياً، وحينما أتفحص وسائل التواصل الاجتماعي، ويترافق ذلك مع حدث جلل في المنطقة، أصاب بغثيان مع إعلان عن ندوة لا علاقة لها بأي هم من هموم الناس، فأقوم تلقائياً بإلغاء متابعة المعلن لتلك الندوة "الترفية"، وطبعا كل تلك الحالات هي فعاليات تعود لأسرة الأدباء والكتاب.
قد يثار سؤال استنكاري وربما بشديد اللهجة: وهل تريد من أسرة الأدباء والكتاب أن تتحول إلى مؤسسة سياسية وتصدر مواقف وبيانات سياسية ؟
طبيعي أن يكون جواب أي عاقل، لا، لا أريدها أن تتحول إلى مؤسسة سياسية، بل وأحترم طبيعة وظيفتها الثقافية، لكن هل الأحداث المحيطة بنا هي أحداث عادية وبالتالي يقتصر المشتغل في السياسة فقط على التعاطي معها؟ والسؤال الأهم: أليس الموقف في المنعطفات التاريخية هو جزء أصيل من دور المثقف حتى لو لم يتعاطى السياسة في الأوقات الاعتيادية؟
أعتقد أن أخطر ما تقوم به الأسرة ليس الصمت في زمن الكلام، ليس ذلك هو الأخطر، وإن كان خطيراً جداً، ألا أن الأخطر هو صياغة الموقف المتخاذل والمطبع مع الردح الصهيوني في المنطقة، لكن بشكل مخملي، ولأننا مأمورون بحمل الناس على سبعين محملاً، فأعتقد أنهم سيستيقظون يوماً على هذا الوقع الشديد والواقع الدامي، لذلك أقول لهم: صباح الخير.