عاشوراء البحرين.. حيث مُلتقى الحُسينيين المُخلصين

لطيفة الحسيني - 2025-06-30 - 4:07 م
مرآة البحرين: في كلّ موسم عاشوراء، تتصدّر البحرين البُلدان الإسلامية التي تُحيي المناسبة باستثنائيةٍ إبداعية. صحيحٌ أنه في كلّ بيتٍ بحريني يحضر الحسين (ع) وفاجعته على مدار العام، غير أن الموالين في اليحرين في شهر محرم الحرام يقدّمون أنموذجًا يتفوّق في بعض الأحيان على كلّ عواصم الإحياء الحسيني. الشعيرة مُقدّسة بالنسبة لهؤلاء، ولأجل ذلك يستعدّون باكرًا لموسم الأحزان، من التجهيزات اللوجستية للمجالس، لى تأهّب الخطباء والرواديد والشعراء، وصولًا إلى توحيد العنوان المركزي للذكرى السنوية الأليمة.
نحو 10000 مجلس حسيني ستشهد البحرين خلال موسم عاشوراء 1447، يتناوب على قراءته 265 خطيبًا في 87 منطقة في عموم البلاد. هذا ما تُبيّنه أرقام مُنسّقي خطباء المجالس البحرينية لهذا العام. حضورٌ مُتميّز يزيد سنة عن سنة، ويُبيّن حجم ارتباط هذا الشعب بخطّ الأئمة وأهل البيت عليهم السلام.
بحسب متابعة كلّ فعاليات المآتم الناشطة على مدار الساعة طيلة شهريْ محرم وصفر، تبدو البحرين في حالة "طوارئ" حسينية. لا أحد في البحرين اليوم يجلس دون مَهمّةٍ مُرتبطة بعاشوراء، إمّا تجهيزًا، وإمّا مشاركةً، وإمّا تأثيرًا. الكلّ يريد تحصيل الأجر والثواب في أيام العزاء الحسيني. الكلّ يتسابق من أجل حجز مقعد له في قطار الخدمة الحسينية.
منذ عقود طويلة، يتوارث البحرينيون الإحياء الحسيني. من البيوت المتواضعة والمزارع والمجالس الصغيرة، مرورًا بتوزيع البركة، وصولًا إلى المآتم الكبيرة والحاشدة في العاصمة المنامة وبني جمرة والسنابس وعشرات القرى والبلدات، شهدت البحرين تحوّلًا ضخمًا على صعيد إقامة الفعاليات الحسينية، حتى باتت المدرسة البحرانية الحسينية تصدِّر أساليبها في قراءة المقتل وأداء القصائد الرثائية واللطميات ومرور المواكب وانتشار المضائف وتوزيع الطعام على حبّ الإمام الشهيد وأصحابه عليهم السلام، والتنويع في طُرق نشر الرايات السوداء في الطرقات والحسينيات والجوامع والمنازل.
يُحكى قديمًا أن البحرينيين كانوا يستعدّون لعاشوراء مباشرةً بعد انتهاء موسم الحج، لينطلق بعدها العمل ضمن خلية نحل واسعة تشمل عشرات القرى بهدف تهيئة كلّ ما أمكن من خدمات بما يتناسب والذكرى مع ابتكارات جديدة تسهّل الكثير من الفعاليات.
عندما يُقال إن البحرين كربلاء الثانية، تتبادر إلى الأذهان سريعًا الإحياءات الشعبية الحاشدة في الطرقات الرئيسية وحتى في الأزقّة الضيّقة والأحياء الصغيرة، وفي الوقت نفسه تحضر الأسماء اللامعة على صعيد خطباء المنابر والمجالس كالراحل الملا عطية الجمري الذي حقّق شهرة كبيرة على مستوى دول الخليج والعراق، وأضحت قصائده خالدة تتكرّر في المجالس كافّة.
ارتباط العزاء الحسيني في البحرين بقضايا الأمة واضحٌ أيضًا. لا يغفل العنوان السنوي للفعاليات عمّا تمرّ به الأمة الإسلامية من أحداث وبلاءات. ينطلق هؤلاء من أن ثورة الإمام الحسين (ع) كانت في الأساس ثورةً سياسة ترفض الظلم وحُكم الباطل والجائر وتنشد العدالة وإعلاء كلمة حقّ، من أجل هذه العناوين لا يمكن فصل المناسبة عمّا يتعرّض له المسلمون في كلّ بقاعهم.
لا يوجد إحصاءٌ رسميٌّ عن عدد الخطباء والمشايخ والعلماء والرواديد والشعراء في البحرين، لكنّ الأكيد أن العدد هائلٌ ويفوق كلّ الدول الإسلامية. ولذلك، تُعدّ البحرين اليوم مُلتقى للمسلمين والموالين لأهل البيت (ع)، تتجه الأنظار الى فعالياتها الحسينية السنوية. البحرين اليوم باتت مرجعية وازنة في الإحياء العاشورائي، وقبلة للانتماء الشيعي الأصيل والحسيني الخالص.
- 2025-06-28إرث من الإقصاء .. صراع آل خليفة مع الوجود الشيعي في البحرين
- 2025-06-27حادثة الدراز .. صمت النيابة العامة يعد شراكة في الجريمة
- 2025-06-27إلى راشد بن عبد الله: عاشوراء ملحمة سياسية
- 2025-06-25الدين في قبضة الدولة: تحليل نقدي لبيان المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
- 2025-06-20تغريدة حمد بن جاسم.. وموقف راشد بن عبدالله