الى راشد بن عبد الله: عاشوراء ملحمة سياسية

مرآة البحرين - 2025-06-27 - 1:40 م

مرآة البحرين: السياسة هي أكثر ما يُهدّد السلطة في البحرين، أو بشكل أوضح تعاطي المواطنين للسياسة. ينقل أحد الموظّفين في القطاع العام قبل أزمة 2011، أنه التقى الملك حمد بن عيسى بعدما علِم بوقوفه وراء بيان سياسي، ناصحًا إيّاه: "بلا السياسة يا ابني".

حديثٌ قصيرٌ لكنّه مباشر يُبيّن الهاجس الأول لحاكم البحرين: السياسة. لأجل ذلك، قامت القيامة عام 2011 حتى يخمد الملك وأجهزته صوت الأنشطة السياسية التي لا تُمجّد حكم آل خليفة. القرار أدّى إلى حلّ الجمعيات المُعارِضة التي لا تستنتخ مفردات وأفكار الملك في خطاباتها.

وعلى الرغم من كلّ الحالة القمعية التي تعيشها البحرين، يعود وزير الداخلية راشد بن عبد الله ليتصدّر المشهد اليوم ويُطلق تحذيره المُتجدّد قبيل انطلاق الموسم العاشورائي لهذه السنة، داعيًا إلى التركيز على جوهر المناسبة بحيث لا تتحوّل المسيرات السياسية".

يريد الوزير الذي لا يُتقن إلّا لغة الأمن أن يوجّه المعزّين البحرينيين في موسم الحزن السنوي بأن ينسلخوا عن السياسة. عاشوراء التي لم تكن لتحصل لولا حركة الإمام الحسين (ع) السياسية التي تقوم على رفض الحكم الظالم وتكريس قيم الحرية والعدالة في العمل السياسي في دولة الإسلام.

طبعًا هذه المعاني لا ينطلق منها راشد بن عبد الله، صاحب العقلية الأمنية والذهنية العسكرية الفارغة من أيّ ربط تاريخي إسلامي وخصوصًا ملحمة عاشوراء وما ثبّتته عند معتنقي التحرر من الظلم كمبدأ حياة.

يقول فؤاد إسحاق الخوري في كتابه "القبيلة والدولة في البحرين" إن "الطقوس الدينية عند الطائفة الشيعية في البحرين تُعَدّ أكثر من مجرد شعائر تعبدية، فهي وسيلة تعبير جماعي عن الانتماء، وذاكرة تاريخية تُستَخدم لاستحضار مفاهيم العدالة والظلم، وغالبًا ما يُنظَر إليها من قبل الدولة بوصفها تهديدًا للولاء السياسي"، ويضيف في مقطع آخر إن "الانخراط في السياسة في البحرين، يُعدّ فعلًا غير مشروع، بل هو خروج على النظام الاجتماعي التقليدي، حيث يُتوقع من الأفراد الطاعة والامتثال، لا المشاركة في اتخاذ القرار أو حتى مناقشته"، ويتابع إن "الدولة تُمارس سلطتها كما لو كانت عشيرة كبرى، تستند إلى شبكة من الولاءات الشخصية، حيث يكون الحاكم شيخًا قبليًا أكثر منه رئيسًا لمؤسسة وطنية حديثة".

إذًا حدّد راشد بن عبد الله عنوان رسالته الخاصة بشهر محرم، وله نقول الآتي:

عاشوراء ملحمة سياسية صافية ترفض الاحتكار والإقصاء والجوْر وتُشجّع على الحرية والتحرر وعدم الإذعان للظالمين، وهذا الفكر لن يجد له طريقًا إلى العقل الأمني الذي يتمتع به وزير الداخلية الذي لا يرى سبيلًا للسيطرة إلّا التحذير من جوهر الشعيرة السنوية عند المسلمين الشيعة.

وعليه، المطلوب في خطاب راشد بن عبد الله إفراغ المنبر العاشورائي والمناسبة الحسينية السنوية من عنوانها الأساسي: الحركة السياسية المناهضة للتسلّط والاستبداد.

لا يبدو أن الوزير حفِظ جيدًا تاريخ العائلات والأجداد الذين لطالما عملوا على ترسيخ المناسبة الأليمة على أنها محطة مفصلية ثابتة لدى البحرينيين، يجدّدون فيها العهد والولاء للثائر الأول على طريق الحرية الإمام الحسين (ع). هؤلاء تشرّبوا خطّه وحركته، كمنطلق لأيّ فكر أو سياسة متخذة حيثما كان وحضر الموالون الحسينيون.