اتفاقية دفاعية بين البحرين وبريطانيا.. مزيد من الغرق

2025-06-24 - 1:52 م

وقعت المملكة المتحدة يوم الجمعة 20 يونيو الجاري اتفاقية التعاون الدفاعي مع البحرين، وثمة أسئلة كبيرة وكثيرة تثار حول هذه الاتفاقية:
أولا: ما هو الفرق بين هذه الاتفاقية واتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل (C-SIPA)، التي وُقعت بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية في عام 2023، وانضمت لها المملكة المتحدة في ديسمبر عام 2024، أي انضمت لندن لاتفاقية " التكامل الأمني " قبل سبعة أشهر فقط من الاتفاقية التي وقعت قبل أيام، وما الفرق بين الاتفاقية الأخيرة والاتفاقية التي أبرمت بين البحرين وبريطانيا في أكتوبر من عام 2012 والتي حملت اسم (اتفاقية التعاون الدفاعي)؟
مع العلم أن كل تلك الاتفاقيات الثلاث تحمل نفس المضامين مثل: تعزيز التعاون الأمني الإقليمي، وزيادة القدرات الدفاعية، وتوسيع التعاون في مجالات التجارة والعلوم والتكنولوجيا، وتكامل الأنظمة الدفاعية وتعزيز القدرات والتنسيق المنتظم في الشؤون العسكرية والدفاعية، والتركيز على الجهود المشتركة لردع ومواجهة التهديدات الخارجية.

ثانيا: لماذا تحتاج البحرين أو المملكة المتحدة توقيع اتفاقيات دفاع مع وجود قاعدة بحرية كبيرة لبريطانيا في البحرين، والتي أعلن عنها في 2014، وبُدأ العمل فيها 2015، وتم افتتاحها في 2018.

وبالعودة إلى الاتفاقية الأخيرة التي وقعت في 20 من الشهر الجاري، نسأل ما الجديد؟
لعل الجديد هو التوقيت الساخن، الذي ترتفع سخونته حتى يتاخم درجة الغليان في الحرب الدائرة بين الكيان الغاصب والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا التعامد بتوقيع اتفاقية دفاعية مع أجواء الحرب، يجبر المتابع أن يربط بين الأمرين، خصوصاً وأن احتمالية انخراط البحرين في الحرب كبيرة، عبر بوابة "الأسطول الخامس" وربما لاحقا من خلال القاعدة البريطانية نفسها إذا ما تدهورت الأمور.
وهنا يتولد من خضم هذا التجاور من التعقيد، أيهما قبل الآخر، البيضة أم الدجاجة؟ أي أيهما قبل الآخر، حاجة البحرين للأمن من خلال القواعد الأجنبية، أم أن القواعد الأجنبية هي التي تولد الخطر الأمني على البحرين جراء انخراطها في الصراعات الإقليمية؟

وعليه، ففي حال اندلاع حرب شاملة في الإقليم، هل ستكون تلك القواعد عامل أمان للبحرين، أم ستكون سبباً لجلب المتاعب وإخلال الأمن؟
هذا السؤال لا يجد له مساحة من الطرح لأنه لا يوجد أجواء ديمقراطية في البلاد تتيح لهذا السؤال من التداول في الإعلام مثلا، فضلا عن أن المؤسسة التشريعية بمثابة ديكور للسلطة، لن تطرح هذا السؤال أو ما يماثله من وزن، وبالتالي لا يمكن لمثل هذا الديكور أن يمارس مضمونا عميقاً في العمل الديمقراطي، الذي يُسائل السلطة في الأمور المصيرية بل ويحاكمها.
وإذا كانت القواعد العسكرية والاتفاقيات الدفاعية بمثابة الديون التي يستدينها العرش الملكي في البحرين، ألا يدفع ذلك إلى المزيد من الاستدانة الأمنية، بمعنى ألا يدفع التورط في رمال الإقليم المتحركة مزيداً من التحالفات غير المدروسة لدرء المخاطر التي تتكثر وتتوسع، والتي قد تصل إلى التحالف مع الكيان الصهيوني بغية إتقاء شره، بينما لا رأي للناس في هذه الخطوات المصيرية التي تلقي بظلالها على الوطن والمواطن بثقلها الخطير.
ما تفعله السلطة في البحرين باختصار، هو غرق استراتيجي، يمشي في ممر طويل ينتهي به المطاف إلى تكبيل قرار الوطن بأصفاد القواعد العسكرية، وتتحدد خياراته بحسب ما تمليها اتفاقيات الدفاع، ويترسم قرار أمنه القومي في مكاتب ضباط قواعد الحلفاء الرابضين على صدر الوطن.