الدولة تُنظّم مواردها البشرية وتُهمل كفاءات شعبها

2025-06-05 - 11:20 م
مرآة البحرين: بناءً على اقتراح جهاز الخدمة المدنية في البحرين، أصدر نائب رئيس مجلس الوزراء خالد بن عبدالله قرارًا يحمل الرقم 29 لسنة 2025 ينصّ على تنظيم خدمات الموارد البشرية المشتركة.
القرار مؤلّف من 15 مادة، ويهدف بحسب ما يتضمّن الاستفادة من الطاقات البشرية من خلال إعادة هيكلة السياسات والإجراءات المعتمدة في إدارات الموارد البشرية، وتوحيدها بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ويضمن الشفافية والعدالة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الموظفين في مجال الموارد البشرية بمختلف الجهات الحكومية.
سريعًا، اهتمّ الإعلام الرسمي بالخبر، وانتشر القرار على صفحات الصحف والمواقع الإخبارية كما هو متوقع. وسريعًا أيضًا، بدأ التنفيذ عبر لقاء رئيس جهاز الخدمة المدنية دعيج بن سلمان مدراء الموارد البشرية في الجهات الحكومية.
يتضح من نصّ القرار وما سبقه من تقديمات في أروقة الوزارات والإدارات الرسمية، أن الهدف:
- استكمال مشروع إعادة هيكلة بعض الإدارات والجهات الحكومية
- نقل مديري الموارد البشرية والمالية من 22 جهة حكومية إلى وزارة المالية والاقتصاد الوطني، لتولّي مهام الإشراف على إدارة الموارد البشرية والمالية في أيّ من الجهات الحكومية بالمملكة.
وفقًا لآليات إعادة الهيكلة، فإن هذا القرار يسمح لجهاز الخدمة المدنية بالتوسّع في استخدام إعادة الهيكلة من أجل تحسين أداء ومهام العمل بحسب المعطيات الجديدة التي تنظم العمل في جسم القطاع العام.
بحسب رئيس جهاز الخدمة المدنية، القرار يؤسّس لنموذج إداري يقوم على تكامل الجهود بين الجهات الحكومية، والاستفادة الأمثل من القدرات والموارد البشرية المتاحة، عبر تنظيم تقديم خدمات الموارد البشرية بالجهات الحكومية على أسس مشتركة، تضمن الاحترافية في التنفيذ والرقابة في الأداء.
ما الفائدة؟
السؤال البديهي الذي يُطرح ماذا وكيف يستفيد المواطن من هذا التنظيم؟ بعد الإطلاع على تفاصيله، يتبيّن أن الفائدة الوحيدة تحسين جودة الخدمات الحكومية. أي أن المسألة برمّتها تخصّ الجهاز الإداري للحكومة وصورته و"بريستيجه".
وهنا لا بدّ من وضع النقاط على الحروف إزاء استمرار تهميش المطالب الشعبية ولاسيّما فئة الشباب التي تشكو من بطالة لم تجد لها الدولة إلى الآن حلًا جذريًا، مقابل جُهدٍ يُبذل على صعيد إدارات الدولة تُسهّل عملها وموظفيها أكثر ممّا تسهّل حياة المواطنين.
تتقاعس الدولة عن اتخاذ قرارات من شأنها أن تُفرح الناس بعد اختناقهم معيشيًا. تُروّج دائمًا لرؤية 2030، التي أُطلقتها عام 2008، بغية تحسين مستوى معيشة المواطن البحريني ضمن إطار من العدالة والتنافسية والاستدامة. هكذا كان الإعلان، وهكذا أرادت إقناع الشعب، غير أنّ إجراءاتها المُتلاحقة أثبتت عكس ذلك تمامًا.
ارتفاع الدين العام والعجز المالي، وارتفاع تكاليف المعيشة والإيجارات، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وتحديات التوظيف وتفاقم أزمة الإسكان والفقر، وزيادة الضرائب والرسوم الإضافية، كلّ هذا حصل والدولة تعلن أنها تقوم بما يجب من أجل تحسين أوضاع الناس، فهل يُعقل أن نسمع ونقرأ دائمًا التطبيل لـ "القيادة الرشيدة" وسياساتها، وأبناء البلد لا يشعرون سوى بالضيق والعجز والعُسر؟
حتى يقتنع الناس بجدوى هذه الإجراءات الحكومية، لا بدّ من نيْل رضاهم والتخفيف عنهم لا التطوير على حسابهم. ماذا ينفع تنظيم الموارد البشرية التابعة للدولة والطاقات البشرية في البحرين تُهمل وتُهمّش؟