حذاء وزير الداخلية!

2025-06-03 - 9:02 م
مرآة البحرين: لا تمثل حادثة دخول وزير الداخلية راشد آل خليفة بحذاءه لمأتم السقية بينما يقدّم العزاء بوفاة شاب بحريني مشكلة بحدّ ذاتها، إذا ما افترضنا أن الرجل غفل خلع حذاءه ولم ينتبه، لكن الواقعة مثّلت حدثاً رمزياً لمشهدية زمنية تجاوزت العقد، ظلّ خلالها الوزير يخرق اللياقات العامة دون أن يستنكر عليه أحد!
باختصار، لا يبدو الوزير متواضعاً، ولم يظهر احتشاماً في التعامل مع المجتمع ولا رموزه وممثليه، ويبرز كما لو أنه يشعر بخيلاء صنعتها آلة البطش التي يديرها منذ سنوات، فسحق الاحتجاجات بقوة الحديد والنار، وقتل المزيد من المعارضين دون رحمة، وإعلانه أكثر من مرّة عن انتهاء "الاضطرابات"، يشير إلى شخصية سيكوباثية مختلّة.
يقف الرجل وراء كلّ الانتهاكات منذ 2011 وحتى الآن، ويتصرّف كمنتصر، وفي السنوات الأخيرة أخذ يتقن التعبير عن نرجسيته بجمع رؤساء المآتم الحسينية تارة، ووجهاء القرى تارة أخرى، والجلوس على كرسي الأستاذية لإبلاغهم عن واجباتهم في كيفية إحياء عاشوراء، أو كيفية الحفاظ على الهوية الوطنية، متناسياً أنّ وزارته تمتلئ بالمرتزقة والمجنسين!
منذ تعيينه في 2004، حصل الوزير على ضوء ملكي أخضر لممارسة ما يريد، وبميزانية سرية ومفتوحة، وبدى مطلق اليد في التصرّف، وقد وقفت وراءه السلطة رغم فداحة الانتهاكات التي مارستها وزارته تجاه أحداث 2011، ورغم إدانة تقرير بسيوني لما حدث خلال الحقبة الأكثر فظاعة في عهده!
أما ما بين الشعب وبين الوزير، فليس حذاءه الذي وطأ به بساط الشعب أكثر من مرّة، إنما حقبة يتذكّرون فيها شهداءهم برصاصه الانشطاري وتحت التعذيب، وغازاته السامة التي كانت تلاحقهم داخل غرف نومهم ومساكنهم، واعتقاله لرموزهم، وامتهان كرامتهم بقسوة.
هل تتوقف الذاكرة عند هذا الحد؟ لا، فالمجازر التي ارتكبها الوزير ولا يزال مصوناً من تحمُّل مسؤوليتها عالقة في أذهانهم، مجزرة الخميس الدامي، مجزرة الدوار، مجازر السلامة الوطنية، مجزرة الفداء، كلّها ارتكبت تحت أوامره.
هي حقبة لا تسقط بالتقادم، وما دامت لا تزال تحت استهتار الوزير بالآداب والسلوكيات والقواعد العامة، يدوس عليها بحذائه دون رحمة ويستعد للمزيد، فمزاج الشعب أن لا يرى "واقعة الحذاء" بنظّارة حُسْن الظن، ولا يستسيغ تبريرها إليه.