قضية الغشّ التجاري.. لماذا التشهير الانتقائي؟

2025-05-29 - 7:51 م
مرآة البحرين : هل هو انتقامٌ علني أم تصفية حسابات أو خطاب كراهية تشهره الدولة البحرينية مجدّدًا ضدّ شخصيات وازنة في البلد؟ إنها أسئلةٌ مشروعة وبديهية طرحها الناس فور انتشار خبر مباشرة النيابة العامة تحقيقاتٍ مكثّفة في واقعة حيازة سلع غذائية فاسدة مُنتهية الصلاحية، وتداولها وتسويقها بعد تعديل وتغيير تواريخ صلاحيتها.
الإعلام المحلي ذكر أن النيابة أمرت بسجن 29 متهمًا احتياطيًا من الملاك والمسؤولين والعاملين بالشركة المنسوبة إليها تلك السلع والقائمة على توزيعها وتداولها، كما أمرت بالتحفّظ على مستودع الشركة وكافة محلاتها التجارية الخاصة بالمواد الغذائية.
أكثر الملاحظات اللافتة في هذه القضية هي التشهير باسم الشركة المقصودة في الواقعة. ولأنّ النيابة فعلت ذلك ولم تأبه لما سيُسبّبه تصرّفها من موجة انتقادات عارمة وغضب في الأوساط الشعبية ولاسيّما على صعيد سوق العمل، لا بدّ من قول الآتي:
* مكافحة الغشّ التجاري مطلوبة لا بل ضرورية، لكن ليس من خلال ازدواجية المعايير. في قضية الشركة التجارية تُعلن الأسماء، أمّا عند إغلاق عيادة أسنان فتُخفى، وكذلك الحال بالنسبة الى ملفّ سرقة 900 مليون دينار من صندوق التأمينات، وإغلاق مخزن لمنتجات غذائية في الهملة.
* التشهير الانتقائي الذي اتّبعته النيابة العامة يتنافى مع مبدأ المساواة أمام القانون، ويطرح تساؤلات حول مدى التزامها بواجبها في حماية حقوق جميع المواطنين دون تمييز.
* لماذا لا تشهّر النيابة بأسماء القتلة في قضايا الجرائم تمامًا كما فعلت في قضية الغشّ التجاري؟
* أليس من المُلحّ أيضًا أن تُبادر النيابة العامة الى التحقيق في قضايا الفساد في استثمارات شركة "ماكلارين"، أو وفيات العمال في شركة "بابكو" مؤخرًا؟
كثيرون يرون شبهةً في تعاطي النيابة العامة مع قضية الغشّ وما حُكي عن ضبط سلع غذائية فاسدة مُنتهية الصلاحية. هؤلاء يتلمّسون نيّة ضرب للمؤسسة التجارية المذكورة، والتي لها تاريخ تجاري ناجح لعقود في البحرين لدرجة إنهائها واستهداف رئيسها الذي يُعدّ من كبرى الشخصيات التي خدمت البلد، وهذا ما يظهر من خلال تعميم إدارة التفتيش على التجار بالتوقف عن بيع منتجات الشركة فورًا.
كذلك ثمّة من يعتقد بأن الدولة تحنّ الى فكرة الانتقام من المكوّن الشيعي وشخصياته واستهداف أرزاقهم الناجحة، خاصة أن حادثة إغلاق برادات جواد ما تزال حاضرة في أذهان البحرينيين.
كلّ هذا يمكن استنتاجه من خلال الإعلان عن الواقعة والطريقة التي قدّمت فيها إن على صعيد البيان أو على صعيد المبالغة في التصوير واستعراض الفيديوهات الخاصة التي نشرت. وهنا يبرز ترجيح (غير محدّدة نسبته) في احتمال أن تكون القضية ملفّقة أو مدبّرة، ولاسيّما أن الصور المعروضة لم تقنع جزءًا كبيرًا من المواطنين، إذ قال بعضهم "ما الذي يجعلنا نصدّق هل نحن أغبياء؟ ماذا لو كان هناك من ألصق الأوراق على المنتجات بتاريخ جديد؟".
وعليه، لا نقاش في أهمية المحاسبة وملاحقة عمليات الغشّ التجاري في البحرين، غير أن أداء الدولة في الكثير من الملفات الداخلية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، يقودنا الى التشكيك في ما يُعلن من جانبها. أهل الحقوق والقانون في المملكة يعرفون مدى تسييس العدالة، وتوظيفها في سبيل تصفية الخصوم وتشريع الممارسات القمعية، وهذا كلّه يقوّض الثقة بمؤسسات الدولة، ويُزعزع أُسس التعايش الوطني الذي تدّعيه صباحًا ومساءً.
- 2025-05-27أبو تُقَى مُترجِّلاً: رحل بأسرار الحقبة الأهمّ
- 2025-05-26تعددية البحرين.. ألا تملّ الدولة الكذب؟!
- 2025-05-24آلة القمع الأمني الى الواجهة مجدّدًا.. حرب الدولة البحرينية على الناس مستمرة
- 2025-05-23بحرنة تعليم مواد المواطنة.. لماذا الحديث عنها الآن؟
- 2025-05-18في قاموس الدولة البحرينية: الرأي السياسي أخطر من تقطيع الجثث!