هل تنتهج السلطة البحرينية منهج التذبذب المدروس؟

عباس الجمري - 2025-05-28 - 11:46 م

مرآة البحرين : قبيل أبريل الماضي، وحين أعلنت السلطة أن أكثر من ألف نزيل سيفرج عنهم بمناسبة عيد الفطر، تأمل الناس خيراً، و طفت التخمينات والتحليلات عن عدد سجناء الرأي الذين سيفرج عنهم من تلك الوجبة الملكية التي تقدم للرأي العام كمكرمة بمناسبة العيد.
فكان الخبر ما ترون لا ما تسمعون، ثمانية فقط هم عدد المفرج عنهم من سجناء الرأي، أغلبهم دخل فعليا ضمن ما يسمى في برامج السجون المفتوحة، أو قاربت محكوميته على الانتهاء.

في هذا الشهر (مايو) ارتفعت الوتيرة الأمنية من جديد، وباتت الأبواب تُقرع فجراً لأخذ عدد من الشباب، وصل عدد المعتقلين إلى 22 ، بينهم نساء وصغار في السن، مما يعيد السؤال: ماذا تريد السلطة بالضبط؟

قانون الصحافة والنشر الإلكتروني الذي صدر منذ أيام، لم يقدم حلولا عملية في جانب حرية التعبير، بل ضيق على الناشرين إلكترونيا أكثر من ذي قبل، فهل هناك تذبذباً مدروساً تعمل عليه السلطة، لإضعاف عصب الأمل عند الناس بالإنفراجة؟

هل الخط البياني لتبريد الساحة وتسخينها، نزولاً وارتفاعاً يُراد منه تجذير قناعة تقول أن على المعارضة أن تيأس من الإصلاح، وعلى الناس أن تيأس من المعارضة، ومن ثم تعالوا إلى مائدة "طويل العمر" بعد خراب النفوس والاقتصاد والمجتمع، لنعيد صياغة البحرين من جديد، هل هذا ما يُراد فعلا تمكينه من الواقع؟

في ظل هذا التذبذب، كيف هو حال التجنيس، ألم تنشر السلطة منذ أيام إعلاناً مدفوع الأجر على مواقع التواصل الاجتماعي موجه للأجانب عن فرص عمل في الشرطة البحرينية.

هذا التراكم من العبث يؤدي إلى بحرين غير متعافية، والأخطر من كل ذلك يؤدي إلى نقطة يصعب فيها الإصلاح أصلاً ، لأن كلما تراكمت خطوات العبث تلك، كلما ولّدت من جوانبها مشاكل غير متوقعة، وأمثلة ذلك كثيرة، منها: المشاكل الاجتماعية المتزايدة، والناجمة عن التجنيس، حيث تشهد البحرين منذ سنوات جرائم لم تكن موجودة من قبل، خصوصا تلك المتعلقة بعمليات القتل بالسلاح الأبيض.

الذين لا يقرؤون التاريخ، هم الذين يقعون فريسة العبث السياسي، الدولة العباسية وهي إمبراطورية مترامية الأطراف ترهلت بفعل التجنيس والمراهقة السياسية، ففي عهد أبي جعفر المنصور، بدأ بإدخال الأتراك إلى الجيش لمواجهة الفرس، وقد زادت وتيرة دخول الأتراك في عهدي المعتصم والواثق، لكن ما أن مسك الأجانب مقاليد الأمن، حتى توسع نفوذهم إلى المناصب السياسية، وتجلى ذلك بوضوح في عهد المتوكل، بل أن عهده سمي بالدولة العباسية الثانية، لأنها انتقلت من حال إلى حال آخر، وهذا ما زاد حنق الناس حينها بسبب العنصرية التي لمسوها من هذا التغير الديمغرافي والتبدل السياسي.

إذن الاحتياج إلى النظر البعيد في العودة إلى أهل الأرض وتعزيز المواطنة بشكل صحيح هو وفاء لمصلحة الجميع بما فيهم الحاكم، لكن الغرور بالقوة أحياناً يجعل القرارات السيادية عرضة لبورصة الأهواء والتسرع، مما يؤدي إلى الضعف والذوي والأفول.