ماذا سنستفيد من تبييض صورة الجولاني؟

عباس الجمري - 2025-05-16 - 12:33 ص

مرآة البحرين : زار أبو محمد الجولاني (رئيس الأمر الواقع للجمهورية العربية السورية) كلا من البحرين يوم السبت 10 من الشهر الجاري ، وحظي بحفاوة الاستقبال، ضمن حزمة خليجية لتبييض صورته، والرياض الأربعاء 14 الشهر الجاري، ورتبت له السعودية استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن عن نيته في رفع العقوبات عن سوريا.

الحكام العرب وعلى رأسهم الخليجيين والرئيس التركي يريدون جزءً من النفوذ في الساحة السورية، ويتحدد حجم النفوذ بحجم الأوراق التي يمكن اللعب بها داخل سوريا، فبعد أن أثقلتها الحرب طيلة أربعة عشر عاماً، وختمها الإسرائيلي بتدمير كل مقدرات الجيش السوري السابق، باتت الشام رخوة لا قدرة لها على النهوض إلا بشروط اللاعبين الخارجيين.
الملفت أن المصالح الخارجية لا يمكن لها أن تلتقي في سوريا، فأنقرة تريدها بلا قوة كردية وازنة، وهذا أمر صعب بل يكاد أن يكون مستحيلا، وذلك لأن الأكرد يحظون بالدعم الأميركي الغربي شبه المطلق لأسباب كثيرة، كما أن النفوذ التركي يقف عند تخوم ما تريده إسرائيل من سوريا، وهذا ما أكده الكيان برسائل النار المتعددة بأن الجنوب السوري منطقة حرام على تركيا بل وعلى الحكومة في دمشق أيضا، بل راح الإسرائيلي إلى أبعد من ذلك، حين وضع خطوطاً حمراء على كيفية تشييد الجيش السوري الجديد ونوعية الأسلحة التي ينبغي أن لا تكون في حوزته، ويضاف إلى ذلك أن مصير الساحل السوري لا يزال مجهولاً في ظل تجاذبات عدة أطراف عليه بعد المجزرة المروعة التي قامت بها الفصائل الإرهابية بحق أبنائه قبل أسابيع.

السوريون أنفسهم لم يفرحوا فرحاً طويلاً وحقيقياً، فبعد إسقاط نظام الأسد قامت الأهازيج لبرهة حتى اصطدمت بالآيديولوجية التي تحكم دمشق وتبث إرهابها بين الحين والحين في الأقليات، ثم بعد ذلك فرحوا باتفاق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع أحمد الشرع، فأعقبها الهجوم على الموحدين الدروز، والآن ثمة فرحة عارمة في الشارع السوري عمادها رفع العقوبات عن مؤسسات الدولة، أملاً في انتعاش البلاد وتسيير الدورة الاقتصادية ومن ثم قدرة المواطن على تلمس شيء من العيش الكريم، والسوري في هذا مُحق بعد جفاف وشح في الأرزاق يربو على العقد بسبب تلك العقوبات الظالمة، لكن ما لا يمكن استساغته هو استسهال الحلول والاعتقاد بأن التصريحات الإعلامية توفر حلولا سحرية.
ما يواجه سوريا أعقد من أن تختزله تصريحات متفائلة، فالبيروقراطية الأميركية وطريقة تسيير الأمور عبر مؤسساتها لا يشي بسرعة لرفع العقوبات كاملة في وقت قصير، كما أن واشنطن لن تقدم على هذه الخطوة بالمجان، وإذا وافق الشرع على ترحيل المقاتلين الأجانب من البلاد، فهذا يعني أنه سيواجه مشكلة أمنية، سيذهب بين تفاصيلها مواطنون بريئون، كون تلك الفصائل لا تخضع بنسبة كاملة إلى سلطة الأمر الواقع في دمشق، أضف إلى كل ذلك اقتسام إسرائيل وتركيا شطري البلد الممزق، لا يعطي كثيراً بشارات إلى نهوض سوريا الموحدة، والخليجيون الوازنون أنفسهم غير موحدين على المصالح في الشأن السوري. فمصالح قطر تختلف عن السعودية والإمارات.

كل تلك التعقيدات وغيرها الكثير، تجعل من المنطقي التريث كثيراً عن تبييض وجه النظام الجديد في سوريا، خصوصا مع تاريخه الحافل بالدموية، وتقلبه المستمر.

من المؤسف أن السلطة في البحرين تقبل أن تكون معبراً لسياسات دول أخرى أرادت من تقديم أحمد الشرع وسلطته إلى المجتمع الدولي لمصالحها المباشرة، في حين لن يدخل على البحرين من تلك المصالح شيء يذكر.