الملك والجولاني.. ودٌّ مع الإرهابي السابق وعداوةٌ مع دعاة السلم

2025-05-12 - 10:47 م
مرآة البحرين : استقبالٌ حارّ سُجّل في البحرين لرئيس السلطة الحالية في سورية أحمد الشرع - أبو محمد الجولاني. حفاوةٌ كبيرة أظهرها الملك البحريني حمد بن عيسى أثناء مصافحته الجولاني في قصر الصخير. وكذلك الحال مع استقبال ممثل الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب ناصر بن حمد وكلّ الوفود المشاركة في اللقاءات والاجتماعات.
الزيارة التي تأتي عقب محطة فرنسا في جولة الجولاني الخارجية، تحمل مؤشرات أولية، لعلّ أبرزها أنها جاءت بإيعاز سعودي وإمضاء إماراتي وغزل موجّه بوضوح إلى قطر، غير أن الخلاصة فيها أنها شكلية ولا تخرج عن حدود الخطوة التي كانت مطلوبة قبل محطة مُنتظرة في الرياض أيضًا، خاصة أن اتصالًا برز بين الملك البحريني وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد زيارة الجولاني الخاطفة للمنامة. البيان الرسمي تحدّث عن أن المكالمة استعرضت العلاقات الثنائية بين البلدين، وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
الأهمّ في المشهد المصوّر في قصر الصخير هو وقْعه لدى البحرينيين. أبناء البلد انتقدوا سرعة انفتاح الملك على حاكم عربي جديد كان بالأمس القريب مصنّفًا إرهابيًا، لا بل كان قبل سنة وشهرين يخاطب سلفه بشار الأسد بعبارات المودّة التي وصلت في أيار/ مايو 2025 في القمة العربية، أي قبل عام بالتمام والكمال، إلى نعْته بالأخ. كان وقتها بشار الأسد أخ حمد بن عيسى الذي تمنّى له دوام التقدم والازدهار.
تبدّلت أحوال السياسة وتبدّل الصفات لدى آل خليفة سريعًا. هذه الرشاقة في التغيير لا تنسحب على الملفات الداخلية العالقة، التي إلى الآن لم يعرف الحاكم البحريني طريقًا لحلّها. يسأل كثيرون اليوم عند رؤية المصافحة والضحكات والابتسامات في لقاء الملك والجولاني، كيف يستطيع بهذه البساطة تجاوز جرائم الجولاني وإرهابه والدماء التي أراقها، ولا يستطيع أن يحلّ ملفًا يُدرك جيدًا أن كيديّته مُفتعلة بيده.
الحديث هنا عن ملفّ اعتقال الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان. يعرف الملك البحريني أن الملفّ برمّته سياسي وفارغ، وأن كلّ شيء فيه مُلفّق، لكنه يصرّ على تعليقه حسب مصلحته. إلى اليوم، لم يصل الملك إلى قناعة بأن سجن الشيخ علي لا جدوى منه ومحاولة إقصائه بالقضاء والسجن المؤبّد لم تنجح. هذه الحقيقة تُصدّقها فئات كثيرة من الشعب، وتسأل لماذا هذا التمسّك بالظلم تجاه شيخ المعارضة المعتقل؟ وتجاه أهل البلد الذين اضطروا إلى اللجوء إلى المنافي؟ لماذا كلّ هذا الرخاء تجاه إرهابي عالمي والتشدّد في المقابل تجاه داعية سلم وإصلاح؟
مع الجولاني تحدّث الملك عن أهمية تحقيق آمال وطموحات الشعب السوري، وعن دعم أمن واستقرار سورية، لكنّ هذا الحرص على طموحات الغير واستقراره لا يبدو حاضرًا في خطاب الملك تجاه مشاعر فئة وازنة من الشعب البحريني. ربّما كلّ ما أدلى به في هذا اللقاء كان من باب الملاطفات الدبلوماسية، وربّما لم يجد تعابير أخرى في الاجتماع الثنائي هذا، لكنّ الثابت أن هذا الودّ المفتعل والذي يُحرَّك عند الحاجة، يضيع في الساحة الداخلية مع آل خليفة، لا بل يتحوّل إلى لغة كراهية وبُغض مع مكوّنات أساسية في البلد لها جمهورها وهواجسها ومطالبها.
وعليه، تُطرح أسئلة منطقية:
* لماذا لا يبتسم الملك للمكوّن الذي يُخالفه الرأي ويعمل على احتوائه؟
* لماذا لا يتودّد الحاكم لجمهور المعارضة أو يفتعل ذلك في الحدّ الأدنى على غرار مشهده مع الجولاني؟
* لماذا لا يكرّس الملك خطاب التعايش عبر إغلاق ملفّ الاعتقال السياسي في البحرين والإفراج عن زعيم المعارضة كبادرة حسن نيّة تُقفل أزمة 2011؟