قانون الصحافة الجديد.. أين صحيفة الوسط؟

عباس الجمري - 2025-05-11 - 3:56 م

مرآة البحرين: يُؤخذ على منتقدي السلطة في البحرين على أنهم سلبيون، ويسعون بكل جهدهم إلى إظهار سلبيات السلطة من دون الإشارة إلى إيجابياتها، هذا المأخذ يتجدد في موضوع "قانون الصحافة الجديد" الذي تغيرت فيه أهم المآخذ على القانون القديم، منها استبدال كلمة "عقوبة" بكلمة "مساءلة"، وإلغاء عقوبة الحبس، وتخفيض الغرامات من 5000 دينار كحد أقصى ، إلى غرامة سقفها 2000 دينار.
فهل منتقدو السلطة فعلاً قد ظلموها في عدم إظهار إيجابياتها، والحال أن قانون الصحافة الجديد-مثلا- فيه تغيير جذري يخفف من تقييد الصحافة؟

ثمة ثلاث ركائز ينبغي بحثهم جدياً من أجل التعرف على نجاعة القانون الجديد المتعلق بالصحافة من عدمه:

الركيزة الأولى: التطور التراكمي: هل تطور الحرية في البحرين تراكمي؟ اي أنه منذ انطلاق مسيرة الميثاق وإنشاء الدستور الجديد عام 2002، كانت لحظتها الحرية أقل من اليوم، لكي نقول أن اليوم أفضل من السابق؟ أم أن الحرية تراجعت كثيراً ودخلنا في تضييق إلى حد كبير من ثم تم التنفيس عن ذلك التضييق ببعض التخفيف من القيود؟ هذه أسئلة جدية تحتاج لإجابة حقيقية.

الركيزة الثانية: روح القانون: المشكلة في الحريات في الوطن العربي غالباً هي ليست في القوانين المكتوبة، لأن الكثير من الدساتير واللوائح القانونية ترسم صورة جميلة زاهية أنيقة للحرية، لكن لا تمتلك تلك النصوص روحاً تنبض فيها الحياة، فترى المسطرة السياسية التي لها معاييرها الخاصة التي لا علاقة لها بالقانون هي السائدة، ومن تلك المعايير: مصلحة القلة المتنفذة، الطائفية، الطبقية وغيرها.

الركيزة الثالثة: نضج الحرية: كيف يمكن قياس معيار نضج الحرية التي نظّر لها المفكر فريدريك همبولت؟ المعيار في قياس نضج الحرية عنده هو ممارسة الحرية برتم تصاعدي، يفضي إلى تطويرها من الداخل، فإن كان قانون الصحافة الجديد هو انطلاق تصاعدي، فهو إيجابي بلا شك، وإن كان قانونا بلا روح، وجيء به للتنفيس فقط، فهو لن يغير الواقع كثيراً.

المؤشر الحقيقي الذي يقول أن ثمة نقطة انطلاقة تصاعدية لاستعادة (حرية الصحافة)، هو إعادة فتح صحيفة الوسط التي أغلقت في يونيو عام 2017 ، والتهمة الرسمية وقتها هي قيام الوسط: "بنشر وبث ما يثير الفرقة" في المجتمع والإضرار بالعلاقات الخارجية البحرينية". فهل هذا المؤشر يلوح في الأفق؟ أم أن الوسط في حكم الموءودة، ولا يمكن حتى البشارة بإحيائها ولو على سبيل تقديم عرض يعبر عن حسن النية على الأقل.

إذن السلوك الإيجابي أو السلبي مع خطوات السلطة، لا يتعلق بالنوايا المسبقة والمبيتة، بقدر ما هو متعلق بالركائز الحقيقة والمؤشرات الواقعية والمعطيات الملموسة، ونأمل أن قانون الصحافة الجديد هو انطلاق لتغيير تصاعدي نحو حرية التعبير.