التعليق السياسي:قانون الصحافة من لدُن صاحب الجلالة!

2025-05-10 - 6:38 م
مرآة البحرين (خاص): إجهازٌ على "الإعلام الإلكتروني" لا الصحف أرادت السلطة، عندما مرّرت تعديلات قانون "تنظيم الصحافة والإعلام الإلكتروني" عبر كومبارسها "النيابي" البليد، ذلك أن الصحف الأربع (الأيام، الوطن، أخبار الخليج، البلاد) لا تستدعي أيّ جديد، فهي تُدار من السلطة مباشرة منذ أن تأسست، ولا موطئ فيها لغير الموالين، ولا تعدو كونها أربع وجوه لعملة واحدة.
في هذا السياق، كان رئيس تحرير "أخبار الخليج" أنور عبد الرحمن صريحاً إلى حدّ افتضاح السلطة، ففي افتتاحيته الاحتفائية بالقانون، اعترف عبد الرحمن بأنّ أهم ما تضمنته التعديلات هو "تنظيم الإعلام الإلكتروني"، في ظلّ ما أسماه "تأثيراته المتنامية على توجيه الرأي العام، مع ضمان عدم وجود رقابة مسبقة على ما يتم تداوله" بحسب قوله.
إذن هي مسألة السردية في الفضاء الإلكتروني والتي لا تملك السلطة عليها سبيلاً قانونياً حتى الآن، ويُراد لها أن تكون تحت قيود القانون ودهاليز مواده وتفسيراتها الطويلة والعريضة، أو مردوعة ذاتياً من القانون فيما تنشر على الأقل، حتى لا تقوم بدورها في "توجيه الرأي العام" بشكل يخرج عن السردية المطلوبة.
رمت السلطة ببالونات "إلغاء حبس الصحفي" في الأجواء لتصرف انتباه الجميع عن الأسوأ، ومن اقتنعوا بلعبتها هذه، عليهم أن يقنعونا وسط كلّ هذا الركام السياسي الذي تجلس عليه البلاد منذ أكثر من عقد، كيف أن السلطة بين ليلةٍ وضحاها، أصبحت الحامي للحريات لتستدعي كلّ هذه الحفاوة من الصحفيين والنواب، قدماً بقدم مع حفاوة الملك وحكومته ووزرائها، في الوقت الذي تغلق الجمعيات السياسية المعارضة، وتُعمِل مبضع "قانون العزل السياسي" على أعضائها، ولا تطيق أن تسمع أيّ رأيٍّ آخر.
وكان على السلطة لكي تثير تناقضنا على الأقل، ولو من باب المناورة الدعائية، أن تدعو منصور الجمري إلى إعادة فتح "الوسط"، بدلاً من هذا الضجيج الفارغ والكليشيه المقرف لتصريحات يوتوبيا المملكة الفاضلة والإعلام النبيل والحر، لكنها -كما يبدو- لا تريد أن تتجاوز استحقاقات الديكتاتورية التي حققتها على مدى 14 عاماً منذ 2011، بعد الإجهاز على كامل الرأي الآخر وتلقينه درساً، في أزمة عصيّة على الحلّ لحدّ الآن، لسببٍ يعرفه الجميع، أنها لا تعترف بحقّ الوجود أساساً للطرف الآخر.
تريد السلطة أن تُسيِّر البلاد تحت رحمة أكاذيب متتالية، بدءً من تزوير النظام السياسي بأكمله، أي بوجود مجلس نيابي منتزع الصلاحيات لتزويق شعار الديمقراطية لا أكثر، وحكومة تعيين تتقن تمرير الكرة عبر برلمانها الذي تحكمت في مدخلات من يمكنه أن يكون عضواً فيه، ومخرجات تضمن التصويت على مشاريعها وقوانينها، وليس انتهاءً عند اتقانها لعبة البروباغندا والعلاقات العامة لتلميع التخلّف والاستبداد والانحطاط والتسلّط بشعارات "التسامح، التعايش السلمي، ورعاية الأديان"، وقوانين لتكميم الأفواه بمساحيق الحريات!
هي كذبات لا يمكنها أن تصمد كثيراً أمام الداخل والخارج، ذلك أن بيت السلطة من زجاج رديء. وهكذا جاءت الشهادة الألف بعد مئة شهادةٍ وشهادة، لمنظمة مراسلون بلا حدود، حيث صنّفت المنظمة، البحرين، في المرتبة (157)، في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2025، وتسبقها السودان وليبيا والصومال، وأدرجتها ضمن الدول "شديدة الخطورة"، ومنحتها اللون الأحمر.
أليست هذه هي الحقيقة؟
نعم، لكنها لا تجد طريقها للنقاش في صحف السلطة التي تُحسن فروض الطاعة فقط، وحتى لو صدقت شعارات الحرية التي سوّقتها السلطة احتفالاً بـ"يوم الصحافة البحرينية"، فإنّ عليها أن تجتهد أكثر في تدريب صحافييها على أن يكونوا أحراراً أولاً، فلا فائدة لقانون تقول السلطة أنه يكفل لهم الحريات، في بيئة من العبيد والصبيان!