أمشي تحت الصحافة الخليجية وأنا مطأطئ الرأس

محمد منصور - 2025-05-10 - 12:57 م
مرآة البحرين: العبارة السابقة للدكتور هلال الشايجي رحمه الله حيث كان لافتًا وصفه ، لكنّه قال الحق وهو في أقرب مسافة إلى السلطة ، وأظن أنه كان يحمل في قلبه رسالة ود لتصل بأسلوب ناعم إلى من يهمه القرار ، ربما لأنه كان يفطن أن الحرية تبني وطنًا، وأن انعدامها يُبشر بخراب.
يقول الدكتور الطاهر مكي: "لقد سقطت الأندلس يوم أحرقت المكتبات، لأن النفوس تضيق بالمصادرة والكتم واضطهاد الرأي وتغييبه".
ولأنه ليس هناك مبرر إنساني من حرمان الانسان من إبداء رأيه، ولأنه لا داعي لقلق حاكم من إبداء وجهة نظر ، ولا تحمل سلاحًا، وعليه فإن الأنا يجب ألا تضيق من إبداء الرأي، ونحن في هذا العصر الذي سقطت فيه حتى احتكارات العلامات التجارية، فما بالك باحتكار الرأي.
تراخت في هذا الزمن أدوات خنق الرأي، فلم يعد هناك من قدرة على منع كتاب من النشر، أو مقالة أو حديث تلفزيوني، فما يُقال في منصة في أقصى الكون يصل إلى أقصاه الآخر، والقوانين التي تُصادر حرية الصحافة، لن تمنع فكرة من الوصول إلى جماهير واسعة، وتشتعل بها شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أنها ستؤلب الرأي العام على صاحبها.
لكن السؤال هو على أي شيء تستند هذه الأنظمة في إصدار قوانين تمس حرية الصحفي والصحافة، وتعمد إلى الحد من إبراز الكلمة؟ هل ما زالت عقيدة ( لا أريكم إلا ما أرى ) هي المتحكمة في العقل الذي يدير تلك الدول؟ أو ما زال العقل الحاكم على فعل السلطة هو المزاجية الخاضعة لأهواء تحسب أي كلمة عدوا لها.
وهل سيكون هذا المنطق المتحكم في محاصرة الرأي قادرًا على بناء دولة، وهل هو قادر على بناء الثقة بين المثقفين والدولة، أو بين المجتمع الحر في العالم والدولة؟ أليس هذا المنطق الذي يقصي الرأي ويخنق الصحافة هو منطق مرفوض عند مثقفي ومفكري العالم؟
ثم أي نظام في العالم اليوم يستطيع مواراة أفعاله أو تغييب وجهة نظر الناس فيه، أو انطباعات الصحافة ضده؟ ففي ظل هذا العالم الذي أصبح بعد ثورة الاتصالات صغيرًا ، سيكون تغييب الرأي الآخر شبه مستحيل إذا لم يكن مستحيلًا ، وستكون تدابيره المتعسفة محض عبث لا طائل منه.
يكشف هذا الاتجاه من التعاطي مع (الرأي) منطقا ديماغوجيًا غير قابل لمواكبة الزمن ، وغير قادر على العبور إلى مساحة مشتركة من الحرية حتى على مستوى المقولات الزائفة، فهي عقلية لا تعيش عصرها، بل تعيش وجدانًا راسبًا في الذات، ولا يؤمن بالآخر القريب فكيف بالآخر البعيد؟
وإذا كان من يسن قوانين جائرة في حق الصحافة والصحفيين يتوهم أنه قادر على كم الأفواه، فهذا ضرب من الحلم هو أعرف بعدم جدواه ، فالآلاف من الجيوش الإلكترونية تحمل وجهة نظر أي مفكر أو أي سياسي أو صحفي، وتطير بها بأجنحة خفاقة في كل سماء.
- 2025-05-07لماذا ينبغي الاحتفاء بكتاب (القبيلة والدولة في البحرين) ؟
- 2025-05-03أثر الزلزال السوري على البحرين
- 2025-05-02الإصلاح في البحرين وهيمنة جهاز الأمن الوطني
- 2025-04-29هل السلطة في البحرين محتاجة للمصالحة الوطنية؟
- 2025-04-20إرهاصات التغيرات السياسية في الشرق الأوسط من 1970م حتى العقد الثالث من بعد الألفين (3)