المدينة الذكية التي لا تُسعد البحرينيين

2025-05-09 - 12:28 م

مرآة البحرين : "المنامة تتفوّق على برلين ونيويورك وباريس في تصنيف المدن الذكية لعام 2025". صدّق أو لا تصدّق لكن العنوان موجود في إعلام السلطة البحرينية.

عند التدقيق في الخبر، يتّضح أن وزارة المالية والاقتصاد الوطني أصدرت تقريرها للعام 2024، وضمّنته إشارةً الى أداء المنامة ضمن تقارير ومؤشرات التنافسية العالمية، إذ يتبيّن أن البحرين تصدّرت دول الوطن العربي في مؤشر مدركات ممارسة الأعمال للعام 2025 حسب مؤشر الفرص العالمي 2025 الصادر عن معهد "ميلكين"، كما حلّت في المرتبة السابعة عالميًا في تقرير التنمية المالية الإسلامية 2024، الصادر عن المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص وبورصة لندن، غير أن البارز فيه أن مدينة المنامة انضمّت إلى تصنيف المدن الذكية 2025 الصادر عن مركز التنافسية العالمية التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، إذ حلّت في المركز الـ 36 من أصل 146 مدينة، متفوّقة بذلك على بعض المدن العالمية مثل برلين، ونيويورك، وباريس.


مواصفات المدينة الذكية واضحة ويمكن اختصارها بالآتي:

* تقديم خدمات حكومية رقمية بالكامل (تصاريح، ضرائب، جوازات).

* إشارات مرور تُدار بالذكاء الاصطناعي/ أنظمة تتبع الحافلات ومشاركة الدراجات والسيارات/مواقف سيارات ذكية.

* طاقة ذكية: عدادات كهرباء ذكية/تحكم آلي في توزيع الطاقة/اعتماد مصادر متجددة.

* أنظمة استشعار للكشف عن تسرّب المياه/ إدارة ذكية لمياه الصرف/ إعادة التدوير المدعومة بالتقنية.

* مبانٍ موفّرة للطاقة ومتّصلة بأنظمة رقمية.

* عيادات ومستشفيات رقمية.

* مدارس رقمية ومنصّات تعليمية تفاعلية.

* الدفع الإلكتروني الكامل/ أنظمة ضريبية ورقابية ذكية/ بنوك رقمية وخدمات مالية مرنة.

* كاميرات ذكية وتحليلات مرئية/ استجابة طوارئ آلية وسريعة.

يفتح هذا النقاش الباب على كلّ ما هو مُتّبع في البحرين من أنظمة تُدير كل مفاصل حياة وأنشطة المواطنين. صحيحٌ أن المؤشرات تُظهر أن المنامة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف المدن الذكية، من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتعزيز بيئة الأعمال الذكية، غير أن البحرينيين لا يصدّقون أن عاصمتهم سبقت عواصم فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا في تصنيف المدن الذكية.

ولأنّ الخبر صادم، ثمّة أسئلة واقعية لدى هؤلاء طرحوها لحظة إعلان الخبر ولعلّ أبرزها:

* كيف تنسجم المدينة الذكية وفيها رواتب زهيدة مقارنة بأهميّتها الرقمية؟ وهل تتفوّق البحرين على رواتب تلك الدول التي سبقتها؟

* هل الذكاء ينصّ على زيادة الدين العام؟

* لماذا الناس تشكو ضيق معيشتها واختناقها رغم مشاريع الدولة العظيمة؟

* هل تحويل العاصمة الى ذكية أوْلى من تحسين ظروف الحياة التي تزداد صعوبة في ظلّ سياسات الحكومة الاقتصادية؟

* ما هو نصيب المواطن من هذا الإنجاز ولماذا لا يشعر المواطن به؟


الواضح أن الدولة في سعيْها الى منافسة الدول الأجنبية على حساب مواطنيها، تؤكد أن ما يهمّها ليس رأي هؤلاء بها بل الأجانب. الأولوية والهدف هو مخاطبة الخارج على حساب الداخل. بدل الانخراط في مشاريع رنّانة تخفّف الفواتير والضرائب والأعباء عن الناس، يصبّ الحُكم كامل تركيزه فيما لا يُشعِر الناس بالراحة والرضا، والسؤال الثابت متى يعمل الحاكم فعليًا وعبر خطوات ملموسة على خلق بيئة مستقرة، ومتى يدعم المواطن ويوفّر الرعاية الصحية المجانية والتعليم المجاني ويمنح البحرينيين حريّتهم السياسية والدينية بلا قيود وإرهاب وتهديد؟